هذا ما كنا نسمعه ونحن صغار ، هذا ما كنا نقرأه و لا نفهم معناه عندما كنا بجيل الناشئة، هذا ما كان يحدثوننا به ولم نكن نعلم انه من الممكن ان نعيش بوطننا كأننا بغربة لا نعلم احد بها، هذا ما كان يذكر بمجالس الرجال ونحن نعتقد انه مجرد مثل لن يكون يوماً واقعا.
كبرنا وكبرت احلامنا بأن نكون جيل التغيير، جيل سيفهم العالم بانه يستطيع ان يجعل من الصخر مال، جيل سيغير كل مفاهيم العبودية والسعي وراء لقمة العيش الى جيل يمتلك موارد بالأرض يحولها الى مناجم ذهب ولكن اخخخخ لو بقيت الاحلام احلام وبقيت الامثال على انها مجرد حديث ولم تأتي هذه الايام التي بالفعل اصبحنا بها مجرد عبيد نسعى اليوم بكامله لجلب رغيف الخبز وببعض الاوقات لا نستطيع تحصيله.
المواطن الاردني البسيط الذي لا يتجاوز راتبه تفكيره بغير قوت اولاده وجرة غاز وكيلو خبز وصحن من تلك البندورة الممزوجة ببعض من الفلفل الحار اصبحت اليوم حلم، المواطن الاردني الذي يركض اليوم بكماله ويخرج مع صياح الديك من منزله اصبح يتمنى ان يمتلك سيارة يكون مؤشر عداد بنيزنها لحرف ال F، المواطن الاردني الذي كان يشعل بعض الحطب مع نفخه من الكاز، قريباً سيصبح حتى الكاز حلم ولا يستطيع تحقيقه بسبب القرارات المجحفة التي تأكل من لحمنا الطري.
اليوم تطل علينا حكومتنا بقرار لرفع العديد من السلع و قبل اسبوع رفع الخبز ، الخبز الذي لا يؤكل معه شيء ببعض الاحيان كان يشبع بيوت بأردننا الغالي ، بيوت كانت تنتظر رب منزلها بآخر النهار ليأتي حامل ذلك الكيس مع بعض من البندورة و البصل و ان كان بداية شهر يحمل باليد الاخرى كيس من الكعك ، جاءت حكومتنا و قررت رفع هذه السلع ، و لم تنظر للبيوت المتأملة جدرانها و التي تسبح بداخلها امطار الخير ، لم تنظر للأطفال الذين يسكت جوع بطونهم ذلك الرغيف ، لم تنظر الى من يبقى النهار بطوله بجانب حاويات الزبالة لأجل ذلك الرغيف اليابس ببعض الاحيان ، و الخبر المحزن المبكي انها تتصدق علينا بعشرة قروش قبل اسبوع و تأخذها اليوم اضعاف مضاعفه.
لا اعلم الى متى سيبقى حالنا هكذا ، الى متى سنبقى اخر اهتمام حكوماتنا ، الى متى سيبقى الخبز و ما يتبعه من سلع هم عين للحكومة ، الى متى سيبقى هناك حالة من دفع الشعب الى الجوع ، و الى متى سيبقى حالنا ضعيف و كلمتنا لا تسمع ، و همساتنا ببيوتنا لا تتجاوز جدرانها و لا احد يكترث الى مطالبنا.
والله ان الاردن ليس فقط بيوت الوزراء و النواب سواء الحاليين او السابقين ، والله ان بالأردن بيوت من شمالها الزاهر لجنوبها الباهر ، تحتاج لترميم من تلك امطار الشتاء و حر الصيف ، والله ان باردننا بيوت لا تعرف طعم اللحمة لأشهر كثيره ، والله ان باردننا مناطق غير تلك التي يأويها اصحاب المعالي و السعادة ، والله ان كل دعوة مظلوم بات يومه جائع ستسألون عنها يوم القيامة امام الله.
اصبحنا اغراب بوطننا ، و لم يعد الاردن ما كنا نعهده سابقا ، و لم يعد الاردن البلد الذي كان لا ينام به جائع ، اصبح جوعنا جوع كبير و جوع يقهر الصغير قبل الكبير ، و اصبح الوطن لدينا غربه و لكن اقسم لكم بأننا سنفيده بأرواحنا لأنه لم يبخل علينا يوماً بشيء و لكن حكوماتنا هي من تبخل علينا بلقمة العيش.
حمى الله اردننا الباسم
حمى الله اردننا المعطاء
حمى الله اردن الخير
حمى الله شعب الاردن
حمى الله قيادة الاردن الهاشمية
و حمى الله بطون الاردنيين من الجوع
سنفيدك يا وطننا بمالنا و عيالنا وقت الحاجه و لن تكون ابدا خسارة بك ، دمت لنا يا أردن فخرا و عزا و سنداً.