الشرفات يكتب .. بناء الدولة ومعاول الهدم .. !!!
د.طلال طلب الشرفات
16-01-2018 03:57 AM
الدولة الأردنية دولة متحضرة وبنيت على اسس وطنية ومعايير قومية وتأسست على عقد اجتماعي فريد ، ودستور احترم حقوق وحريات الأفراد واسس العيش المشترك الفريد ، والاردن ومنذ تأسيسه احترم قواعد المعارضة والموالاة في العمل السياسي وتعاطى مع المؤتمرات الوطنية الاولى بأسلوب ديمقراطي رصين ما زال ماثلا في اذهان الساسة والكتاب والمؤرخين .
الدولة التي بنيت على اسس اخلاقية استثنائية في التوأمة بين الاردنيين والهاشميين ، وقدمت نماذج في المروءة في التعاطي مع الخصوم السياسيين والعفة في الادارة والتعفف عن استمراء المال العام كانت دولة ناشئة بثقة وعفوية وثبات ، كان الوزير وزيراً بعفويته وعنفوانه والمدير مديراً في عزته واعتزازه والموظف عزيزاً في ضعفه وكبرياءه .
الدولة الأردنية كانت تدار بأخلاق رجال الدولة ولغة الفرسان وثقافة الهوية الوطنية الجامعة المغموسة بآمال وتطلعات الأمة ، كان اليساري رئيساً للحكومة دون غرابة واستغراب والمحافظ أبن الدولة والنظام لا يهادن ولا يشتم الوطن على منابر الغرباء ، ولم يكن بين ظهرانينا فاسد او متملق او جبان ، كانت التشريعات متواضعة والعدالة حاضرة والمؤهلات شحيحة والنزاهة والشفافية ماثلة ، وكان القاضي لا يجد احياناً ما يقضي به .
الدولة الأردنية التي كانت تلعب دوراً مؤثراً في المنطقة لا يجوز ان يتراجع دورها ، والوطن الذي وحد الاردنيين بعطاءه الخالد وتكافل ابناءه وتضحياتهم يستحق منا ان نتوقف عن حالة العبث التي يمارسها هواة السياسة ومراهقي الادارة ، والفقراء الذين كانوا على الدوام مشاريع شهادة على الحدود والثغور يستحقون ان نحفظ لهم خبزهم وتعليم ابنائهم ودواء امهاتهم .
الفساد اول معاول الهدم ومن اين لك هذا ؟ سؤال تردده كل حناجر الفقراء والاحرار والمعوزين ، والرشوة في القطاعين العام والخاص وباء استفحل في ثنايا الادارة واركانها واعادة تدوير الموظفين الفاسدين في دوائر اخرى ضرورة كخطوة نحو اقصائهم واجتثاثهم من المرافق العامة ، واستثمار الوظيفة واساءة استعمال السلطة باتت تسمم انتماء الاردنيين وتضرب طموحهم الوطني في مقتل .
والفردية والتخاذل والجبن والمحسوبية والإهمال في ادارة شؤون المال والاعمال والادارة والاقتصاد معول هدم خطير يؤدي الى تآكل الثقة العامة في الاصلاح والنزاهة والمساواة وتكافؤ الفرص ، فالإدارة الاردنية اضحت تخلو من القادة والمبادرين والمبدعين لصالح الفاسدين والمتخاذلين والموقعين على بياض ، وغياب التنسيق بين المؤسسات وصناعة البطولات الوهمية والانجازات الورقية دون انعكاسها على واقع الناس اضحت شوكة في حلق الوطن .
تغول السلطة التنفيذية على البرلمان غير المؤهل اصلاً للرقابة والتشريع ضربة في صميم الديمقراطية التي كنا نراقب نموها البطيء بأمل ، وتفكيك استقلال المؤسسات الرقابية والجامعات انتكاسة في امانة المسؤولية سندفع ثمنها في القريب العاجل من ثقة الشعب والمجتمع الدولي على حدٍ سواء ، ففي المصلحة الوطنية العليا يتساوى الخائن والفاسد والمهمل والجبان .
بعد عشرة ايام ستعلن منظمة الشفافية العالمية نتائج مؤشر مدركات الفساد ، وسندرك اننا لم نتعلم من الدرس القاسي الذي تجرعناه العام الفائت عندما تراجع موقع الاردن اثنا عشر مرتبة في سلم المجتمع الدولي وربما يكون الدرس اكثر قسوة هذا العام وهو ما لا نتمناه ، ولكن الدعاء دون عمل لا يبني وطن .
الاستثمار في الاردن يفتقد لأمانة المسؤولية والوعي في التخطيط والرؤى والقرارات ، وهو مشكلة ما زالت في طور الامنيات واشكالية في الانتماء للتراب لأن بعض القائمين عليه لا يربطهم بالوطن سوى الامتيازات او نكوص عن اداء واجب خدمة للغير الى ذات حين لن يأتي بعون الله بعزم الاحرار والشرفاء من ابناء الوطن ، ولأنه كذلك جهلاً ام ضعفاً ام مؤامرة فهذا معول هدم واسفين يدق في ضمير الوطن الطامح باستقلال قراره الاقتصادي .
بناء الدولة رسالة وهدم اي لبنة فيها خيانة وما بين هذه وتلك سنبقى نناضل من اجل كرامة الوطن ومستقبل ابناءه وطموح قيادته ، وليحفظ الله الاردن الحبيب ... !!!