ظهرت أرقام التضخم لشهر كانون الأول من العام الماضي التي ارتفعت بنسبة 3.2%. , وبالرغم من أنها مرشحة للزيادة إلا أنها ستبقى مقبولة لو قابلها نمو مضاعف لكن التوقعات غير ذلك فالنمو بالأسعار الثابتة لن يتجاوز 2.1 % للعام 2018 .
زيادة النمو ممكنة لو مضت خطة التحفيز الإقتصادي كما ينبغي , لكن ذلك كله ليس مكمن الخطر , فالخطر الحقيقي يقع عندما يحتاج الإقتصاد الى إستقطاب المزيد من الدولارات لتمويل مستوردات تمثل 3 أضعاف الصادرات في ظل مخاطر تراجع حوالات المغتربين والدخل السياحي ومع التراجع الحاد للمساعدات الخارجية وهي بالدولار .
يصدر الأردن ماقيمته 4351.1 مليون دينار وقد لوحظ تراجع هذه الصادرات بنسبة 2.7% حسب إحصائيات الشهور العشرة الأولى من العام الماضي مع تنامي مصاعب التصدير وزيادة الفجوة بسبب إتفاقيات التجارة الحرة وإخفاق إتفاق تبسيط قواعد المنشأ الأوروبية في مقابل مستوردات زادت بنسبة 5.6% لتبلغ 11901.7 مليون دينار ليصبح العجز في الميزان التجاري 7550.6 مليون دينار، بزيادة 11.1% أي أن الصادرات الكلية لا تغطي سوى 36.6% من المستوردات والفرق يمول من رصيد البنك المركزي من العملات الصعبة .
سيحتاج الإقتصاد لاستقطاب دولارات من الخارج لتمويل العجز التجاري إضافة إلى ذلك تمويل العجز في الموازنة والاستدانة لتمويل خدمة الدين العام وهو ما يعني أن غياب الحلول سيؤدي إلى إنكشاف الاقتصاد على المخاطر الخارجية في ظل زيادة قياسية في عدد السكان خلال أقل من أربع سنوات شهدت قصورا في التدفقات النقدية الخارجية .
استمرار تسارع وتيرة العجز في الميزان التجاري ستكون على حساب رصيد احتياطي العملة الصعبة والحل في زيادة التدفقات الخارجية وفي مقدمتها الإستثمار والصادرات والدخل السياحي وتحفيز زيادة حوالات المغتربين العاملين في الخارج .
زيادة الإستثمار ستحتاج الى خلق فرص وتسهيلات إدارية ومالية وزيادة الدخل من السياحة ستحتاج الى هيكلة الكلف ومنظومة الضرائب وتذليل المعيقات وزيادة الصادرات تحتاج الى عكس الضرائب لترتفع على المستورد بدلا من فرضها على المنتج الوطني أما حوالات المغتربين فستحتاج الى خلق أوعية إدخارية جاذبة وأدوات إستثمارية ذات جدوى .
للتضخم، أثره السلبي على ميزان المدفوعات بسبب زيادة المستوردات وتراجع الصادرات كما في حالة الإقتصاد الأردني الذي يعاني إختلالا واضحا في زيادة الطلب مقابل ضعف الإنتاج وارتفاع كلفة السلع المستوردة على حساب النقد الأجنبي .
مثل هذا التشوه سيكبر ما لم يتم معالجة تشوهات إتفاقيات التجارة الحرة التي يجري الإحتفال بها كإنجاز يضعه الوزراء في سجلاتهم دون إدراك لمكمن الخطر الحقيقي على الإقتصاد وهو مضاعفة العجز في الميزان التجاري .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي