المشهد الاقتصادي الأردني في عام 2018
النائب خير ابو صعيليك
16-01-2018 12:25 AM
مع اقرار مجلس الامة قانوني الموازنة العامة للدولة و موازنة الوحدات المستقلة تكون الحكومة ملزمة بالتطبيق الفعلي لما تعهدت به وتنتقل الكرة الى ملعبها وهي التي يقع على كاهلها مهمة صعبة تتمثل في المواءمة بين حالة زيادة الايرادات المحلية من جهة وحالة تحسين نسبة النمو في الناتج الاجمالي المحلي الحقيقي من جهة اخرى.
بات واضحا» ان على الحكومة التعامل مع ملفات غاية في الاهمية خلال العام الجاري فهي بعد ان تتلقى النقد الشعبوي للقرارات المالية ستقوم بارسال مشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل الذي اقر في عام 2014 والذي يتوقع ان يغلظ عقوبات التهرب الضريبي و ان يضع نصوصاً تكفل تحسين كفاءة الادارة الضريبية. كما ان الحكومة ستخضع لرقابة مجلس النواب فيما يتعلق بتطبيق خطة تحفيز النمو الاقتصادي الصادرة عن مجلس السياسات الاقتصادية والتي قرر مجلس الوزراء تبنيها و الموافقة على تطبيق ما ورد فيها.
والحكومة تعي حقيقة التراجع الملفت للنظر في الميزان التجاري و بنسبة 11% خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2017 ويعني ذلك صراحة ان على الحكومة دراسة هذه الحالة واعادة تنشيط الصادرات الوطنية من خلال ايجاد اسواق جديدة و حل اشكاليات التصدير الى العراق و محاولة النفاذ الى السوق السوري و اعادة تقييم تجربة تبسيط قواعد المشأ الى الاتحاد الاوروبي والتي فشلت فشلا ذريعا بالاضافة الى الاستعداد لجولة من التفاوض مع منظمة التجارة العالمية نظرا» لانتهاء مهلة اعفاء الصادرات التي حددتها في نهاية العام. وفي هذا الاطار فان المفاوضات ستستمر مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج الاصلاح المالي الذي تم تجديد التعامل به.
كما ان الحكومة عليها التعامل و بالتوازي مع اجراءات الهيكلة التي بدأت في الاجهزة العسكرية وذلك من خلال اجراءات تكفل ازالة مظاهر الروتين والبيروقرطية في الجهاز الحكومي والتركيز على نوعية و كفاءة الموظف العام بدلا من الكم وبخاصة في الدوائر التي لها تماس مباشر مع الملف الاستثماري وفي مقدمة هذه الدوائر امانة عمان الكبرى والتي تمتلك الولاية على تنظيم و ادارة قطاع النقل العام متدني الجودة في العاصمة وهي التي تنظم قطاع الانشاءات والتشييد و العمران في عمان بالاضافة الى ما يرافق ذلك من اجراءات الترخيص والتخطيط ، وهذا ينسحب على مؤسسات اخرى كدائرتي الاراضي و الجمارك.
ولا يغيب عن البال تعهد الحكومة الحالية في خطابها امام النواب في بداية الدورة العادية الاولى والتي تعهدت فيه بتخفيض نسبة الدين العام الى الناتج الاجمالي المحلي و هي نفسها التي وافق مجلس وزرائها على اعتماد خطة التحفيز بهدف استعادة زخم النمو الاقتصادي.
واضح ان عام 2018 سيكون عام التطبيق و لن يكون عام الخطط والاستراتيجيات و النظريات التي مل الناس من سماعها و يبدو ذلك جليا في التوجيه الملكي السامي في خطبة العرش لافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس النواب الثامن عشر والتي اكد فيها جلالة الملك ضرورة الانتهاء من مرحلة إعداد الاستراتيجيات والخطط وان يركز النهج الحكومي على التطبيق و التنفيذ الفاعل ، هنا تبرز الحاجة الملحة لان يقوم مجلس النواب باداء مهمة الرقابة بكفاءة عالية الامر الذي يسرع من وتيرة التطبيق و يعطي دافعية للقرار الاقتصادي.
خلاصة القول ان المهمة امام الحكومة في عام 2018 ليست سهلة و الملفات ثقيلة و يتطلب ذلك ان يتحلى الطاقم الوزاري وبخاصة الفريق الاقتصادي بقدر كبير من المرونة و الصبر وبذل الجهود الاستثنائية التي تتناسب مع طبيعة التحدي الاقتصادي، ولا بد ان تقدم شيئا للمواطن يظهر تحسنا ملموسا في مؤشرات الاقتصاد الكلي بما في ذلك تخفيض نسبة البطالة.
* رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية
الرأي