عمون - لقمان إسكندر - ما سيجري أن أجهزة الحكومة ستكثف مراقبتها على المخابز. النمطية التي درجت الحكومة على اتباعها خلال إصدارها قرارات غير شعبية هي هي. تصدر القرار غير الشعبي ثم تلاحق الجهات المسؤولة "أهليا" عن تطبيقه. هنا تظهر المخابز. الحكومة ستكثف مراقبتها عليها. ستضغطها.

لا بد هنا ان يظهر المسؤولون انهم أصحاب قلب.

ستصدر وزارة الصناعة والتجارة والتموين مثلا تصريحات يقول فيه أحد مسؤوليها أن الوزارة لن تتهاون باتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين ولاسيما المخابز. ستتطهر الحكومة.

سيقول المسؤولون: إن فرق الرقابة تعمل وفق برنامج زمني محدد يضمن وجود رقابة فاعلة على مدار الساعة في مختلف المحافظات لرصد جميع المخالفات وبخاصة مخالفات اخفاء مادة الطحين واغلاق المخابز في وقت مبكر بحجة عدم توفر مادة الطحين.

ولأن الحكومة تريد ان تتطهر أكثر، ستفعل كل ما يلزم لتحويل "التاجر" الى جاني والمواطن الى ضحية. هنا لا بد انها ستحذر من زيادة أسعار الخبز قبل الاول من شباط المقبل او اغلاق المخابز مبكرا وعدم توفير مادة الخبز.

هي نمطية اعتاد عليها الشارع. نمطية تحاول أن تمتص الصدمة. صحيح أنها غير ذكية لكنها تؤتي أكلها في كل مرة.

خلال عمليات رفع الحكومة للأسعار تقوم بمطاردة حائط الصد المعني في الشارع. هنا حائط الصد هو صاحب المخبز. وأحيانا يكون الحائط التاجر نفسه.

المرة الوحيدة التي لن تقوم الحكومة فيها بمطاردة أحد، هي عندما ترفع من أسعار خدماتها المقدمة للمواطنين. لا حائط صد هنا. لهذا تنتهج أسلوبا مختلفا يقوم على سرية رفع الفواتير او الخدمات، كما يجري في نظرية الضفدع المغلي. النظرية تقول: إنك إذا وضعت ضفدعا في إناء فيه ماء يغلي فإن الضفدع سيقفز سريعاً من الإناء لسخونة الماء (الإحساس بالخطر وثم رد الفعل المباشر تفادياً للخطر) فما الذي تفعله الحكومة؟ تضع نفس الضفدع في إناء بارد (درجة حرارة الغرفة) وتبدأ تدريجياً بتسخين الماء.

الضفدع هنا يحاول أن يتكيف مع درجة حرارة الماء حتى يصبح الماء ساخناً، وربما لدرجة الغليان فيموت. على أن الحكومة تحرص على عدم غليان مائها، فينشغل المواطن بمعالجة السخونة بمحاولة التكيّف في صراع بقاء مستمر، لم ينته منذ عقود. على أن اخطره في ان صراع البقاء يجبر المواطن الى البحث عن حلول فردية لمعالجة صعوبات الحياة.

في السياق يظهر شكلان: مواطن متعب يريد الحلال فيعالج صراعه بالعمل بجهد مضاعف، اما المواطن الاخر فهو الذي سيبحث عن حلول فردية حرام. هنا تكثر الرشى، ويكثر الكذب. ببساطة انهم سيخرجون من بعضنا أفظع ما لديه.