يموتون بصمت ، كعادتهم ، الفقراء الأردنيون يموتون بصمت ، و يبكون بصمت ، و يأكلون من حاويات القمامة بصمت و يذرفون دموع الذل و القهر بصمت وهم يرون أن حكومتهم لا تعيش همومهم و لا تسأل عن أحوالهم و لا تكترث لجوعهم و لا لقهرهم و لا لذلهم ، أزرار قميص رئيس حكومتنا تكفي مصروفا لعائلة أردنية لشهرين أو ثلاثة ، و الوزير الذي ينتقد الفساد ولا يكترث لفقراء الأردنيين و لا يتوجع لوجعهم و يبيع علينا وطنيات في البرامج التلفزيونية و يسوق علينا الهبل على التعالي و الاستكبار و مشروبه المفضل ليوم يكفي مصروفا لعشر عائلات أردنية.
اسطوانة الولاء و الانتماء المشروخة التي ما يزال يتاجر بها الديناصورات من أعمدة الدولة العميقة الفاسدة باتت مملة ، تافهة لا تقنع أحدا ، نعلم أنهم ليسوا منتمين و لا موالين و إنما يتاجرون بالشعب و حياته ، مرتزقة ، كذابون يعيشون كالطفيليات على عرق الأردنيين و جوعهم و عطشهم ، و لا يهمهم كل الألم و المعاناة التي يعانيها الأردنيون ليلا و نهارا ، مجاميع من الانتهازيين الذين لا يهمهم من المنصب إلا خدمة أولادهم و بناتهم و أنفسهم و بعض أقاربهم و أبناء محفلهم و حينما يتعلق الأمر بجوع أردني أو مرض أردني فإن الانتهازي الرويبضة يستحضر كل أوراق القانون و الدستور ليثبت للأردني انه لا يحق له الشبع لأنه ليس من نخب الفساد العفنة التي زكمت رائحتها الأنوف و ما تزال تتاجر بنا و بوطننا رغم كل ما جروه من ويلات على هذا الوطن.
إنهم لا يقرؤون و لا يشاهدون أي شيء يمكن أن يطير السكرة من رؤوسهم في ليالي الشتاء الطويلة ، إنهم يعيشون في عالمهم الافتراضي الذي يجعلهم يظنون أنهم نخبة الله المختارة و أن باقي أبناء الشعب من الجويم أو البغال التي ليس عليها إلا أن تبتسم للديناصورات و أن تقظب فوج دبكة للفاسدين الذين يتنقلون بين مناسف الفقراء كل يوم و الفقير يظن أنه اقترب من الحصول على حقوقه بسبب المناسف التي قدمها للفاسد و التي استدان ثمنها من هناك أو هنا ، أو باع أخر باب في منزله ليشتري اللحم البلدي للمتكرش العفن الذي يضحك و هو يعلم أنه لا يأكل في بطنه الا النار و لا يكلمه الله يوم القيامة و لا يزكيه ، و لا نظنه يكترث لذلك لأن الله ختم على سمعه و على بصره غشاوة ، و هو يعيش ما بين كاس و يسكي و الآخر و يفرح بنجاحه المزور المزيف في الانتخابات النيابية ثم يتطاول على من نجحه في الانتخابات و يتهمه بالفساد.
لا نسمي الناس لأن هدفنا ليس التجريح ، و إنما لفت أنظار صاحب السرايا إلى أن بعض من حوله من وزراء لا يصلحون للمنصب ، و لو أردنا أن نجرح لأخرجنا من جعبتنا ما لا يعرفه العامة من بلاوي يندى لها جبين هذا الوطن العظيم ، لا نجرح و لكننا حريصون على أن يعم العدل او بعضا منه فالعدل أساس الملك ، حريصون أن لا يصيبنا ما أصاب غيرنا نتيجة الفساد و القهر و الظلم ، نتيجة الجوع و الفقر و الذل و المهانة التي يتعرض لها المواطنون ، نتيجة عدم الاكتراث الذي يواجهه الناس من قبل المسئولين لحل مشاكلهم ، نتيجة تقسيم الناس إلى خيار و فقوس .
إن اهتمام الحكومة بجمع الضرائب و المكوس و فرض الأتاوات على الناس فقط ليس الأسلوب الأمثل لإدارة شؤون الدولة و خدمة المواطنين ، فلا بد أن يكون هناك من يهتم بالناس و من لا يهتم بأمر المواطنين فليس منهم و لا يجب أن يكون مسئولا عنهم و عليهم ، فأدنى درجات المسئولية أن تهتم الحكومة بحاجات الناس الضرورية و أن لا تتعالى و تتكبر على ولي نعمتها و دافع رواتبها و فسادها ، أي المواطن ، أي الشعب الذي ما يزال ساكتا حتى اليوم خوفا على الوطن لا خوفا منه.
بعض كبار المنتفخين و المتكرشين و المسئولين ، و لا نعمم و لكننا نتحدث عن حالات شكلت حالة ، و عن فاسدين كثروا حتى لم يعودوا ندرة بل تيارا ، يغرفون من المال العام لعلاجهم و علاج أبنائهم ، و لأسفارهم و أعمالهم و تجارتهم و يتباهون على صفحات الفيس بوك بعضهم و على شاشات الفضائيات بعضهم الآخر بأنهم يخدمون الوطن و المواطن و ما يخدمون إلا أنفسهم و ذويهم بينما المواطن لا يجد ما يحتاجه من علاج و طعام و يقلب وجهه في السماء ثم يرفع كفيه مرسلا سيلا من دعوات المظلوم إلى الله ، و لو أن باب السماء فتحت لدعوة مظلوم واحدة فلن يبقي الله على ظهرها من دابة و سيزول الفساد و الفاسدين برمشة عين كما حصل عند غيرنا و لكن الله يمهل و لا يهمل.
اتقوا الله ، فلا تتمادوا في بيع الوطنيات علينا فالمواطنون أصحاب حق و الحق أبلج و للحديث بقية...