نحن والإشاعات والحرب النفسية من الخارج
د. تيسير المشارقة
14-01-2018 02:11 PM
الإشاعات تغمرنا. يتحدثون في مصر عن تسريبات حول تعاون الصحفيين مع الأمن العسكري (وهي تسريبات من "مكملين" ونقلتها "الجزيرة").
ويتداول نشطاء منصّات التواصل الاجتماعي صوراً للخميني وقادة إيران معلّقة في مطار بيروت. ويُروّج يساريون يائسون إشاعات تقول إن العرب يؤيدون "ضياع القدس" من تحت الطاولة، ومن فوق الطاولة يصرخون ضد ترامب وقراره. حدّثوا ولا حرج عن إشاعات متناثرة ومكشوفة تقول إن العرب يسمسرون مع الغرب وأميركا ويتبادلون الزيارات مع العدو الصهيوني الإسرائيلي.
نحن (والجهلاء مِنّا بشكل خاص) ضحيّة القيل والقال والأقاويل التي تبثها طهران وأعوانها والإخوان وأعوانهم والجزيرة والمقاولين من الإعلاميين. هذا ، ودخلت قناة "روسيا اليوم"، الناطقة بالعربية، على الخط، في نقل الأكاذيب وفبركتها. ولا يجوز أن ننسى ما تقوم به الدعاية الصهيونية والإسرائيلية والرعاع من المصدّقين.
نحذّر، نحن المنشغلون بالحملات الدعائية والحرب النفسية، من الإشاعات والأخبار المفبركة، ونقول : لا للإشاعات، لأن الإشاعة تدمّرنا.
في الأردن ظهرت حملة إعلامية ضد الإشاعات قادها (مرصد مصداقية الإعلام الأردن) (akeed.jo) . رفع الموقع شعاراً مُهمّا وهو ((تحقق بنفسك من مصداقية الأخبار )) وذلك من أجل نشر ثقافة المصداقية ومعاييرها في أداء وسائل الإعلام وفي تعامل المواطنين مع الإعلام. كما يتحوّل موقع (أكيد دوت جو) الإلكتروني، كمرصد، إلى مركزٍ لدحض الإشاعة رافعاً شعارا آخر ((الإشاعة تدمرنا ..تحقَّق)).
ويكون التحقق من الأخبار باتباع الخطوات التالية: بالذهاب إلى موقعwww.akeed.jo ، اختيار زاوية تحقق، ثم تحميل رابط الخبر الذي تريد أن تتحقق من مصداقيته، ويتم إرسال الرابط ، والخطوة الأخيرة يقوم فريق أكيد بتطبيق معايير مصداقية الأخبار على المادة الإخبارية المستهدفة ونشر نتيجة التحقق على الموقع. نضيف بأن مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد. جو ) من مشاريع معهد الإعلام الأردني.ـ
كأستاذ جامعي ألجأ كثيراً إلى "أكيد دوت جو" للتحقق من الأخبار التي تتعلق بالأردن وفلسطين. كما أقوم في أغلب الأحيان بالرجوع إلى وكالة عمون الإخبارية ((عمون نيوز )) للتحقق من الأخبار والبحث عن المعلومة. مثلاً: أقول لنفسي، إذا نشر موقع عمون الخبر فإن الواقعة قد حدثت، وبعد ذلك يبدأ ماراثون التحقق من المعلومات عبر محرّك البحث العالمي "غوغل". كما أن وكالة الأنباء الأردنية(بترا) ووكالة الأنباء الفلسطينية(وفا) من المصادر الرسمية الموثوقة من أجل متابعة الأخبار الأردنية والفلسطينية.
ويلجأ الذين يؤمنون بـ"نظرية المؤامرة" إلى الأخبار غير الموثوقة المصادر. ويشاطرهم الكسالى والجهلاء بترويج الإشاعات غير المؤكدة. وقد راجت بخصوص "القدس" إشاعات كثيرة، كما راج بخصوص "صفقة القرن" إشاعات أكثر. ويقوم المحرضون على العرب والعلاقات البينية الطيبة بترويج وتسويق دعائي في محاولة لضرب منظومة القيم الوطنية والعروبية عند العرب أو دق إسفين بين ذوي القربى.
الحركة الصهيونية وإسرائيل وأعوانها يعملون ليل نهار على تخريب وتسميم الأجواء العربية من خلال بث الإشاعات والقصص المطلوب منها "شق الصف العربي" و"تدمير الممانعة" و"غرس عدم الثقة" بين أبناء البيت العربي الواحد[جامعة الدول العربية]. ويتم ذلك عبر حملات إعلامية ودعائية مستمرة، هي جزء من حرب نفسية متكاملة لإضعاف جبهتنا العربية الداخلية.
المشكلة أن بعض العرب الموالين لطهران أو أنقرة أو الجماعات الإخوانية يقومون ايضاً، تبرعاً منهم، بحملات دعائية ضد النَفَس العروبي وضد العلاقات البينية العربية الطيبة.
لسنا هنا ضد الولاءات الثقافية والفكرية والأيديولوجية لقوى إقليمية ذات قوة ونفوذ (مثل تركيا وإيران)، ولكن أن تتحوّل هذه الولاءات إلى أدوات كراهية ضد العرب والعروبة، وأن يصبح الخطاب الإعلامي والدعائي لأصحاب هذه الولاءات خطاب كراهية وتفرقة ضد المواطن العربي والقادة العرب ، ويخدم المشروع الصهيوني في نهاية المطاف، فهذا مرفوض ولا يجوز التكاسل في مواجهته.
ندعو العرب، وبخاصة نشطاء الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي، إلى توخي الدقة في المعلومات المتعلقة بالعالم العربي وفلسطين والأردن، وضرورة التأكد من المعلومات المشكوك فيها، وأن ننوّع من مصادر المعلومات قدر الإمكان، حتى لا نكون من مروّجي الإشاعات القاتلة والكاذبة التي تسمم حياتنا العربية.