الدولة الأردنية في كتابة مثقفيها
عاطف الفراية
20-04-2007 03:00 AM
بين يدي الآن مقال للكاتب الأستاذ موسى برهومة يتناول الحركة الأدبية في الأردن .. ويقتضي السياق منه أن ((يؤرخ للبلد ونشأته )) وهو منشور في مجلة نزوى العمانية وقد وجدته على رابط لا يوضح رقم العدد أو التاريخ .. ويبدو من لغته أنه مسلوق بطريقة لم يرجع فيها الكاتب إلى أي مصدر حتى ولو كان كتاب التاريخ للصف الخامس الابتدائي أو أن الكاتب ليس معنيا بصحة ما يقول أو خطئه..ولا أشكك في قدرات الأخ الكاتب صاحب أطروحة ((التراث العربي والعقل المادي)) والذي تبوأ أمكنة في الفعل الثقافي في الأردن هامة وحساسة يحتاج (خميس بن جمعة) مثلا.. إلى ألف عام وألف واسطة كي يصل إليها.. لكني أريد فقط أن أشتبك مع جزئيات محددة من المقال تشي بمشكلة بين المثقفين الأردنيين وتاريخ دولتهم وتأسيسها وديموغرافيتها.. وسأتجاوز تماما عن المشهد الأدبي تحديدا مع أنه الموضوع الأساسي في المقال والذي أتحفظ على الكثير مما ذكر فيه خصوصا التركيز على بعض الأسماء الإبداعية وإهمال أخرى هامة لأسباب أظنها تتعلق بالهوى الشخصي والأيديولوجي والشللي الذي يعشش في الوسط الثقافي الأردني.. وقد مللنا من الحديث عن تلك الأسباب التي تجذرت واقعا شلليا جبهويا فئويا أليما.. دفع الكثير من المبدعين للاعتزال..وهمش آخرين واغتال شخصيات آخرين بإلصاق أبشع التهم بهم... وسأكتفي بضرب أمثلة على المغالطات التي تدور حول الدولة عموما.
نسخ ولصق:: ((( هكذا استترت هذه الصورة النمطية عن هذا البلد الذي ينتمي جغرافيا الى بلاد الشام، .... ويربو عدد سكانه الآن على أربعة ملايين نسمة يشكل الفلسطينيون والشركس والأرمن والشاميون الغالبية العظمى منهم. )))
ما معنى: الغالبية العظمى؟ ومن هم الذين خارج الغالبية العظمى ؟ أي الأقلية؟.. وعلى أية دراسات إحصائية ينبني هذا التوصيف؟ أنا ابن حي الأرمن مدة 23 عاما وأعلم أن عدد الأرمن لا يزيد في الأردن على خمسة آلاف نسمة.. وقد لا يزيد الشركس على مائة وعشرين ألفا حسب مصادر متفائلة جدا في أقصى أقصى تقدير والرقم يشمل أعراقا أخرى كثيرة شيشانية وأبخازية وبوشناقية (بوسنية) وغيرها.. أما القبائل الشامية في الأردن فهي لا تزيد على بضعة آلاف نسمة أيضا منها (آل الطباع وآل شموط ودار البيات الكرام) مثلا.. فما القصد من مثل هذا التوصيف العجيب؟؟ ثم بالله عليكم .. في الأساس ما الغاية التي تخدمها هذه العبارة من حيث المبدأ في سياق الحديث عن الإنتاج المسرحي والشعري ...الخ.
لا أدري لماذا كلما حاول البعض أن يؤسس خطابا عن الأردن الواحد الموحد مبنيا على أساس المواطنة فقط ، اصطدم بمن يسوق التقسيم والفرقة على أسس ولغايات أجهلها .. أو أحب أن أجهلها .. سواء جاءت من حكومة أو من خارجها..
نسخ ولصق أيضا: (((ويميل كثير من المؤرخين إلى اعتبار أن التكون الفعلي للدولة قد ارتسمت ملامحه في الخامس والعشرين من أيار (مايو) من عام 1946 حينما طرد العاهل الراحل الملك حسين قائد الجيش الأردني آنذاك الجنرال البريطاني كلوب. )))
تصوروا!!!! الحجم الهائل من المغالطة في هذه العبارة وعمموه على باقي المقالة.. هذه العبارة من مثقف يؤرخ للثقافة في بلده !! لا أدري كيف تكون عملية طرد كلوب تمت من الملك الراحل وهو في سن 11 سنة بوجود الملك الراحل عبدالله الأول.. ولا أدري كيف يتم الخلط بين ( 25/5/1946) وبين (1/3/1956) ...مثلا .. وبماذا يمكن أن يسوّغ مثل هذا الخلط إن لم يكن الارتجال وعدم الاكتراث؟
وبعد..
هذا المقال ليس مقصودا لذاته ولا لذات كاتبه.. ولا شيء بيني وبينه شخصيا.. إنما هو مثال فقط على ما يمارسه بعض النخب الثقافية من استخفاف في طريقة تناولها لما يخص هذا البلد وأهله وتاريخه، استخفافا وارتجالا لا يكلف الكاتب فيه نفسه عناء فتح كتاب أو محرك بحث لبضعة دقائق.
أقول هذا ـ وأنا الذي لم يشكك أحد حتى الآن في موضوعيتي ـ وأعلم أنني سأتلقى تهما تبدأ ولا تنتهي .. من وسطي الذي أنتمي إليه وأعلم أنه وسط (في معظمه) يصنف الناس إلى قسمين فقط.. إما أن تكون صاحب موقف سلبي من كيان الدولة الأردنية.. أو أنك قادم من جهاز أمني.. أو في أفضل الأحيان (تغازل السلطة)
Amann272@hotmail.com
والمقال المذكور على هذا الرابط التالي:
http://www.nizwa.com/volume20/p252_253.html