زيادة رواتب النواب والوزراء .. استفزاز لمشاعر الشعب
مالك نصراوين
05-03-2009 06:25 PM
نتمنى ان تكون الانباء التي تتحدث عن وجود نية ، لرفع رواتب الوزراء والنواب غير صحيحة ، لان في ذلك استفزاز لمشاعر الشعب الاردني ، خاصة في ظل الاوضاع الاقتصادية ، التي ما زالت تثقل كاهل المواطن ، رغم الانعكاسات الايجابية حاليا على الاردن ، والناجمة عن الازمة المالية العالمية وانخفاض سعر النفط .
هذا الغضب الشعبي الاردني ، ضد كل امتيازات جديدة تمنح للوزراء والنواب ، هو غضب مبرر وله اسبابه المقنعة ، وليس ناجما عن الحسد والغيرة ، وقد تكون هذه الزيادة للوزراء اقل اثارة للغضب ، لان راتب الوزير الجديد ، كما نشرت وسائل الاعلام ، وهو ثلاثة الاف دينار شهريا ، يبقى اقل مما نشر عن الراتب المقترح للنائب وهو 4500 دينار ، ولان الوزير يتحمل مسؤولية كبيرة ، ومنصبه يتطلب مخصصات مالية ربما اكثر من هذا المبلغ ، لكن النائب هو ممثل الشعب ، انتخبه الفقراء ومتوسطي الحال لخدمتهم ، وليس لتقلد منصب ذو راتب عال ، ويفترض به ان يعيش بينهم ، وليس كل نائب ذي كفاءة عالية ، او مستوى تعليمي عال ، او من ذوي التخصصات المهمة ، فقد يكون فقط ذو جاه او نفوذ ، لدى مجتمعه الصغير الذي انتخبه ، او افراز لقانون الانتخاب الحالي ، الذي جعل من بعض النواب في دوائر انتخابية معينة ، مجرد نواب حارات او عشيرة .
لو ان الراتب المقترح ، او ما هو اعلى منه ، يصرف للوزير اثناء خدمته الفعلية فقط ، فسوف يبقى امرا مقبولا ، لكننا في الاردن من اكثر دول العالم ، في عدد التشكيلات والتعديلات الوزراية ، ولدينا اكبر عدد ممن يحملون لقب معالي ، ومهما كانت خدمة الوزير ، فانه يحصل على راتب تقاعدي الى الابد ، حتى لو كان له مصدر دخل اخر ، وفي هذا استنزاف لميزانية الوطن والشعب ، وهذا هو مبعث الغضب من مثل هذه الامتيازات .
كما ان الكثير من الوزراء من رجال البزنس ، وعددا ممن يستمزجون لشغل المنصب الوزراي ، يعتذرون عن قبوله ، لان المردود المالي لوظائفهم الاخرى ، اكبر بكثير من راتب الوزير ، وان قبل البعض في ذلك ، فاما ان يكون رغبة في خدمة الوطن ، او فقط للحصول على لقب معالي ، وهي من اكبر مستلزمات الوجاهة ، و هذا الراتب لا يشكل الا نسبة صغيرة من دخله المالي ، وبالتالي لا توجد معاناة ، تستدعي تحسين وضعه المالي ، ولا مبرر لراتب التقاعد الكامل ، بل يجب ان يرتبط بمدة خدمته كوزير ، مع عدم الجمع بينه وبين رواتب تقاعدية اخرى .
ونفس الامر ينطبق على النواب ، وبخاصة اعضاء مجلس النواب الحالي ، فالعديد منهم من اصحاب الملايين ، انفقوا على حملاتهم الانتخابية مبالغا فلكية ، وهم بالتاكيد ليسوا بحاجة للراتب اثناء الخدمة او بعدها ، وكان الاولى وهم نواب للشعب الذي انتخبهم ، كي يكونوا في خدمته ، ويراقبوا اداء الحكومة ، لا ان يستجدوا العطايا منها ، ان يحولوا مثل هذه الزيادات في الراتب الى الشعب نفسه ، ولا يسعون للتميز والاستنفاع ، على حساب من اوصلهم لهذا المقام .
الكرم الحكومي لا يجوز ان يقتصر على النواب والوزراء ، ما دامت الخزينة تسمح بمثل هذه الزيادات ، فماذا عن باقي قطاعات الموظفين ، ممن يؤدون خدمات جليلة للاردن ، كالاطباء والقضاة وكبار الموظفين ، وماذا عن باقي موظفي الحكومة ، الذين لا يكاد دخلهم يكفي لادنى مستلزمات الحياة ، حتى اصبحت كلمة فقر مرادفة لكلمة موظف حكومي ، الا يستحق مثل هولاء "طرطوشة" من الزيادات ، على رأي المطربة صباح ؟
ظاهرة الرواتب العالية ، اصبحت لافتة للنظر في الاردن في السنوات الاخيرة ، خاصة في القطاع الخاص ، حيث هناك رواتب اضعاف اضعاف رواتب الوزراء والنواب ، وكان البعض يضاعف راتبه قبل التقاعد بعامين ، كي يستفيد من تقاعد الضمان الاجتماعي ، الذي تنبه للموضوع ، واقر قيودا على هذه الزيادات ، او في بعض الشركات ، التي تخص المدراء فقط بكرمها الحاتمي ، لتحقيق اهداف غير بريئة ، واللبيب من الاشارة يفهم .
m_nasrawin@yahoo.com