هل أصبحنا بحاجة إلى مجالس حكماء في العمل ؟!
أ.د. أمل نصير
13-01-2018 06:48 PM
في ظل انتشار الخلافات والنزاعات على الأمور الصغيرة والكبيرة، وفي ظل نزق كثير من الناس في العمل والشارع والأسرة، والقلق من انفلات بات ملحوظا في مواقع كثيرة في مجتمعنا... هل أصبحنا بحاجة إلى مجالس حكماء أو ما يشبهها يختار لها أفضل العاملين في القسم أو الكلية ممن يتسمون بالعقلانية، ويشهد لهم بالخلق والزهد، والترفع عن الصغائر، والقدرة على التأثير الإيجابي على زملائهم.
نرى في الجامعات –مثلا- مجالس عديدة، وتشكّل في بداية كل عام دراسي في الأقسام الأكاديمية والكليات لجانا كثيرة واحدة للدراسات العليا، وثانية اجتماعية، وأخرى للعلاقات الخارجية، وتغيب لجنة تعمل على توطيد العلاقات الداخلية، ولا تغني عنها الاجتماعية التي غالبا ما ينصبّ عملها على المناسبات، ودعوات الطعام يدعى لها زملاء يجلسون متنافري القلوب حتى لو كانوا متقابلين على طاولة واحدة! إلا إذا أعدنا النظر في مهام هذه اللجنة وآلية تشكيلها.
إن لجنة لتوطيد العلاقات الداخلية بين الزملاء في العمل هي ما أصبحنا بحاجة إليها اليوم يكون هدفها إصلاح ذات البين، وفض الخصومات بين الزملاء في العمل منذ بداية وقوعها قبل أن تتشابك أسبابُ الخصام بينهم، فلا يُعرف سببه، إذ لا يجوز الانتظار حتى يتعمق الخلاف، فيصعب تطويقه، ويصبح مهددا لبيئة العمل، وربما للمؤسسة كلها.
قد يقول قائل إن تشكيل مثل هذه اللجنة إسوة بغيرها من اللجان هو اعتراف بوجود خلافات في العمل، والأصل عدم وجوده، وأن الجامعات والمؤسسات التعليمية بشكل عام يجب أن تترفع على هكذا أمور، فالتربية جزء من عملهم، والقدوة لطلبتهم وللآخرين هي المتوقعة منهم، وهذا هو الأصل والغالب، ولكن علينا أن نعترف أن الخلافات باتت موجودة وهي تتكاثر، وتخرج أحيانا عن السيطرة، وبالتالي علينا التحضر لها في غياب العقلانية، والابتعاد عن أدب الخلاف!
إن إيجاد آلية لإصلاح ما فسد من علاقات بين الناس في مواقعهم المختلفة أصبح ضرورة في ظل َغرق مجتمعاتنا في وحل الخصومات؛ بعضها يبدأ لأسباب بسيطة لا تَرقى للتشاجر، مما يعيق الإدارات المختلفة عن التفرغ لعملها الذي أنيط بها، فغياب الإصلاح مؤشر على فساد ذات البَين".