عن بلدنا في هذه الايام بالذات
شحاده أبو بقر
05-03-2009 06:07 AM
ليس هناك ما هو اهم في حياة وحاضر ومستقبل الاردن من الاصلاح السياسي الذي يجري الحديث عنه حاليا ، خاصة وان السلطة الرسمية اكدت ان الأمر هو في صلب اولوياتها ، مثلما تنشط بعض النخب في الحديث عن هكذا اصلاح،.
مكمن الاهمية في هذا يتمثل في ان اي اجراء يتخذ في اطار مشروع اصلاحي متكامل سيكون له اثره وانعكاسه المباشر وغير المباشر على حقوق الاردنيين وواجباتهم وطبيعة دولتهم واسلوب الحكم المتبع في بلادهم والى الابد، ، ومن هنا فان اي اجراء او قرار على صعيد الاصلاح السياسي يفترض ان يعرض على الشعب من خلال البرلمان بعد دراسة معمقة له ، اذ من حق كل مواطن ان يتعرف تماما على طبيعة البرنامج السياسي المطبق في البلد ، باعتبار ان ذلك هو المحور الاساس وهو العمود الفقري للنشاط العام للدولة، ، والدولة "اية دوله"هي ملك مشاع و ليست حكرا على نخب بعينها او على مجتهدين بعينهم ، فالناس يتساوون عند صناديق الاقتراع لاختيار من يحكم ولا تمايز بين رئيس جامعة او انسان امي في هذا الثابت الذي يساوي بين الناس في الارادة ولا يمنح احدا حقا يفوق حق احد اخر.
مربط الفرس في الاصلاح السياسي انه لابد وان ينسجم تماما مع خصوصيات الدوله ، فالاتحاد السوفييتي السابق مثلا اختار نظاما سياسيا واسلوب حكم ينسجم مع الفكر الشيوعي ، وروسيا اليوم تاخذ طريقا اخر في هذا المجال بعد انهيار المنظومة الشيوعيه ليس في الاتحاد السوفييتي وحده ، وانما في العالم باسره ، والولايات المتحدة وليدة النظام الراسمالي والليبرالي الحديث كيفت نظامها السياسي وفقا لخصوصيات الوطن والدولة والمجتمع ، وكذلك فعلت بريطانيا العظمى والمانيا الداخلة الى المنتدى العالمي الفاعل بقوه وغيرهما من دول الكوكب ، اي ان كل دولة اختارت ما يناسبها من منظومة الاداء السياسي الخاص بها وبما ينسجم مع خصوصيات شعبها وتاريخها وتراثها وقناعات مجتمعها، ، ووضعت قوانينها الخاصة بها للاحزاب والانتخاب وكل تشريع ذي صبغة سياسيه.
اردنيا.. نحتاج الى الاصلاح كمبدأ ، ومن الحكمة قطعا ان نخوض غمار الاصلاح والتحديث وبما يعزز قوة جبهتنا الداخليه من جهه ، وبما يوفر اقصى درجات المشاركة الشعبية في ادارة امر الدولة وصنع القرار وبناء القناعات وتعظيم الابداع والاجتهاد من جهة ثانيه.
ذلك ثابت لا يعارضه الا جاهل او من هو غير معني بالبلد وبشؤونه وحاضر ومستقبل اجيالة ، لكنه ثابت يحتاج بالضرورة الى ايضاحات تقول للناس على هذه الارض ، كيف سيكون شكل ومضمون هذا الاصلاح ، وهل سينسجم مع خصوصيات بلدنا ومع مواصفاته كمملكة اردنية هاشمية ذات خصائص تميزها عن سواها من ممالك الارض وجمهورياتها ودولها ،.
الغريب اننا لا نسمع كلاما من هذا القبيل ابدا ، وكل ما نسمعه هو كلام مباشر عن اصلاح سياسي لا نعرف اهدافه ومضمونه ووسائلة ، فالاصل ان هناك هدفا مرسوما للدولة وان المطلوب هو الوصول اليه عبر وسائل محددة ، فما هو ذلك الهدف في الحالة الاردنية ، وما هي وسائل الوصول لبلوغه،.
شخصيا.. اؤمن بان الاردن ليس بلدا يساريا ولن يكون ، وليس بلد الحزب الواحد ولن يكون ، وهو ليس بلدا يمينيا بالمطلق وربما لن يكون .... ، وانما هو مملكة لها خصوصياتها الهاشمية ذات الارتباط المباشر بفجر النبوة المشرفه ، مع ما يمثله ذلك من حالة تقدس الوجود وترقى بالاداء السياسي الى حيث يجب استيعاب سائر الاهتمامات والمعتقدات والاديان ، ولكن في اطار الدولة الراشدة التي تتيح المساحات الواسعة من حرية الفكر والممارسة التي لاتتعارض مع قيم الامة ومبادئها ورسالتها ، ولكنها تملك في المقابل حق ان تعمل ما دام ذلك لا يؤذي الدولة ولا ينتقص من حرمة او كرامة او حقوق احد كان او جهة كانت.
خصوصيات المملكة الاردنيه الهاشميه ، هي التي يفترض ان تحدد شكل وجوهر برامج الاصلاح السياسي المنشود ، وهي خصوصيات راسخة في وجدان الناس ولا يمكن تجاوزها من جانب مجتهد او مدع لفهلوة او ذكاء ، وهي ذاتها الخصوصيات التي تجسدها قيادة الدولة الاردنيه الهاشميه ، ممثلة بشخص الملك الذي يرأس الدولة ويحكم وفق ما ينص عليه "الدستور" الاردني الماثل حاليا،،.
اي اعتقاد بان الاصلاح بفعل ضغوط خارجيه يمكن ان يتجاوز خصوصيات الدولة الاردنيه الهاشميه ، هو اعتقاد خاطئ تماما وبامتياز ، ولن ينجح ابدا لافتقاره اساسا لجمهور يتعاون او يتفاعل،.والقائمون على امر الاصلاح او المنخرطون فيه ، مطالبون بان يدركوا جيدا ان الامر ليس بتلك البساطة ابدا ، وان خمسة ملايين اردني يعيشون على هذه الارض معنيون جميعا بمخرجات الاصلاح الذي يجري الحديث عنه حاليا ، بعيدا عن سقطات الاقليمية والجهويه والطائفية وغير ذلك من ممارسات صغيره لا يقدم عليها الا موتور ساقط، عمليا ندعو لبرنامج يكرس دولتنا الاردنية باعتبارها الى مملكة اردنيه عربية هاشميه ليس كمثلها مملكة على هذا الكوكب ، نظرا لارتباط رأس الدولة فيها ببيت النبوة المشرفة.