للحزب -أي حزب-مبادئ يسعى أعضاؤه إلى تحقيقها على أرض الواقع. وكذلك للدين -أي دين-مبادئ يقوم عليها ويؤمن بها أتباعه لكي يفوزوا بالآخرة. وللإنسان العادي مبادئ في حياته اليومية يؤمن بها ويطبقها هنا وهناك: إن كان في تعامله مع الناس أو في عمله أو بيته. ولربما كان هناك دول تقوم سياستها على مبادئ معينة لا يمكن التنازل عنها مقابل أي ثمن كان.
ويطرح السؤال نفسه: ما هو المبدأ؟ وما هي الصفات الواجب توفرها به؟ وبما يتميز المبدأ عن القانون أو الدستور أو الميثاق؟ ولماذا تختلف مبادئ الدين الإسلامي عن مبادئ الدين المسيحي مثلا؟
لا أريد الخوض في متاهات الفلسفة، ولكن لي وجهة نظر في هذا الموضوع اود التعبير عنها من خلال هذه الأسطر.
فبرأيي لا يوجد في الحياة العامة بما يسمى بالمبدأ، لأن المبدأ في الحقيقة يتصف بالصواب المطلق وإلا لفقد كينونته وأهميته بالنسبة لمن يؤمن به، وبالمقابل لا أحد يحتكر الحقيقة المطلقة، ومن ثم لا يوجد هناك مبدأ ذو صواب مطلق، فأي مبدأ نتحدث عنه؟!
ومثال بسيط يوضح ذلك؛ فلنأخذ حزبا ما لديه مبادئ معينة، ولنفترض أن مبادئ هذا الحزب صحيحة –وهذا أقل ما نستطيع قوله- لذلك يفترض بأن كل سياسي عليه الانتماء لهذا الحزب، ومن ثم نصل يوما ما إلى حزب واحد على وجه الأرض يؤمن به البشر من كل حدب وصوب، فهل هذا أمر منطقي؟
وللذين لم يقرؤوا الإنجيل، نرجو منهم التمعن فيما قاله ابن مريم ذات مرة بأن كل مملكة تنقسم على نفسها تخرب! وهذه هي الحياة: يمين ويسار، مؤيد ومعارض، وكل منهما يعتقد بأنه يملك الحقيقة الكاملة، ولا حل لخلافهما إلا الائتلاف كما هو الحال في الحياة الحزبية مثلا، فأي مبادئ نتحدث عنها؟
في المثال أعلاه هناك حالة يستوجب طرحها، وهو أن الحزب لربما ينقسم على نفسه! فهل تنقسم المبادئ على نفسها؟
إنها النسبية في هذا الكون! وهو اللامبدأ في هذه الحياة، ومن خلالهما نصل إلى الديموقراطية التي توفر المظلة الدستورية لتعددية الأحزاب، فتتعدد المبادئ ولكل إنسان حريته في اختيار المبدأ الذي يناسبه، ومن هنا يبدأ الصراع من أجل البقاء، فهناك مبدأ قوي وهناك مبدأ ضعيف! لكن لا هذا ولا ذاك يملك صفة الصواب المطلق، وهو اللامبدأ!