اليوم السابع تحتفي برواية "ذئب الله"
11-01-2018 07:30 PM
عمون - ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني رواية " ذئب الله" للشاعر والرّوائي جهاد أبو حشيش ، والتي صدرت عن دار فضاءات للنّشر في العاصمة الأردنيّة عمّان. وتقع الرّواية في 167 صفحة من الحجم المتوسّط.
بدأ النّقاش مديرة النّدوة ديمة جمعة السمان بدأت الندوة بورقة قالت فيها:
تألق الشّاعر والرّوائي جهاد أبو حشيش في روايته العميقة الجريئة "ذئب الله" التي أبدع في صناعتها على المستويين الفكري والفنّي..
رواية أبدع فيها أبو حشيش، ورسم فيها الشّخوص بإتقان.. بناها بناء نفسيا سليما وغاص في أدق تفاصيلها، وقدّمها ببعدين، الأول: من خلال المونولوج، حيث كانت كلّ شخصية تتحدّث مع نفسها، تغوص في عمق أعماقها، مما جعل القارىء يتعاطف معها، والبعد الثاني: تقديم الشخصية من خلال رأي الأخرين بها وبسلوكياتها.
تسلسلت الأحداث بطريقة غير تقليدية، تميزت بعنصر تشويق عال جدا، أتقن في استعمال الرموز التي لخّصت للقارىء قضية سياسية ملتهبة على مرّ عقود من الزمن، يعاني منها العالم أجمع. ذئاب تتستر بعباءة الدّين "وإن لم تستح افعل ما شئت". وكان عوّاد الباز أحد هذه الذّئاب، كلما طالت لحيته زاد غيه وتجبره بالضّعفاء واستغلالهم.
باع عواد نفسه وضميره وإنسانيته ورجولته هو وذريته. فهؤلاء الأشكال لا يستحقون أن يكون لهم أيّ امتداد ولا ذريّة، فكفى العالم فسادا. كانت نهاية موجعة وقاسية لعواد الباز، ولكنها عادلة.
أماالأستاذ عبدالله دعيس:
يرتبط الذئب في الثّقافة الشّعبية بالشّجاعة والإقدام، ويمجّده النّاس ويصفون أنفسهم به، وإن كان غادرا يخطف الأغنام ويحدث الأذى للرعاة! فهل كان عواد البّاز، شخصية الرواية الرئيسيّة، ذئبا بهذا المفهوم؟ هل كان شجاعا؟ أم كان انتهازيّا سارقا؟ ولماذا اختار الكاتب أن يقرن هذه الصفة باسم الله تعالى، فسمّاه ذئب الله؟ تساؤلات قد تخطر في بال القارئ وهو يستغرق في قراءة هذه الرّواية، ويدقّق النظر في غلافها الذي يحمل وجها أسود مشوّها.
تبدأ الرواية مشوّقة بلغتها السرديّة السهلة التي تتماهى مع اللهجة المحكيّة، ورواتها الذين يتحدّثون بصراحة عمّا يدور حولهم، في مجتمع قبليّ يتسلّط فيه القوي على الضعيف.
ورأى دعيس أن المشاهد الجنسية لم تكن ضرورية في النص، وأن تظاهر عواد بالتدين لم يكن مبرراً.
ثم ختمها ورقته بالحديث عن أهمية تناول الرواية لشبكات تهريب الأسلحة، لكنه رأى أن الكاتب لم يفي هذا الموضوع حقه، فخرج القارئ وهو ما زال يحتاج للكثير من المعلومات عن هذا الأمر.
وقدم الكاتب سامي قرّة دراسة نقدية تكاد تكون وافية للرواية وقد لا يكفي اختصارها هنا لشدة تماسكها وتناولها لكافة جوانب العمل الروائي وعنونها ب:
"ذئب الله ... مرآة الواقع العربي"
عواد الشخصية الرئيسية في رواية ذئب الله للكاتب جهاد أبو حشيش، شخصية ماكيفيلية انتهازية تتصف علاقاته بالأشخاص من حوله بالخداع والاستغلال، كما تميل إلى الاستخفاف الساخر بالأخلاق والتركيز على المصلحة الذاتية والمكاسب الشخصية. وعامة يرمز الذئب في الأدب إلى حرية الإرادة والقدرة على الهروب والطمع والقدرة على التحمل وعدم الخوف والثقة الزائدة بالنفس، وهذه الصفات كلها يتمتع بها عواد وبسببها يفقد إنسانيته ويصبح شخصًا خبيثًا قاسيًا يحرص على فعل الشر والإساءة إلى الآخرين. تصف مليحة الأحمد في مستهل الرواية عوادًا بأنه شيطان لا ضمير ولا قلب له: "لكن أواه يا بعد عيني عواد مات عواد عاد، مثل زرع الشيطان، ولد من الدم، وحياة سيدي عبد الرحمن وكراماته، عصرية ربت شيطان، شيطان يسرق الكحل من العين، لا ذمة له ولا ضمير ولا قلب" (ص 9).
تتميز الرواية بتعدد الأصوات وهي مثال جيد على ما يسميه الكاتب والمفكر الروسي ميخائيل باختين بالرواية البوليفونية. كما تشبه الرواية في تركيبها إلى حد كبير رواية أخرى كتبها الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا تحمل عنوان البحث عن وليد مسعود. أمّا الأصوات التي نسمعها في ذئب الله فهي أصوات نساء تقدّم كل منهن جانبا من جوانب شخصية عواد وعلاقته بها، هذا بالإضافة إلى الراوي الرئيسي الذي يكشف تفاصيل عديدة من حياة عواد وأفكاره وسلوكه. والنساء جميعهن مشاركات في الحدث على عكس الراوي الرئيسي الذي يبقى خارج الحدث ويراقب ما يجري أمامه عن كثب. ولهذا السبب نرى استخدام ضمير المتكلم "أنا، نحن" ثم الانتقال إلى ضمير الغائب "هو، هي، هم".
تعالج الرواية عدة قضايا تهم العالم العربي عامة. وهذه القضايا من وجهة نظري هي: أسلحة المقاومة، الدين، الجنس، المرأة، القبيلة، والسلطة.
وبعد أن يتعرض في دراسته لكل تفاصيل الرواية يختتم دراسته بإن رواية ذئب الله رواية تستحق القراءة لما فيها من جرأة تستفز القارئ. هي رواية تعكس واقعًا عربيًا أليمًا بصدق وشفافية.
وقد قدمت هدى عثمان أبو غوش ورقة قالت فيها:
"ذئب الله" عنوان مخيف،يجذب القارئ لشخصيّة غير عاديّة، يتيح لنا الكاتب التعرّف عليها بشكل تدريجيّ؛ لنكتشف فصول حياة هذا الذئب البشريّ الذي يتخفى تحت سماء ومظلة الدّين،ومن ناحية أُخرى هو ضحيّة تربية بيئة قبليّة. وتناقش الرّواية أيضا قضيّة الحرمان العاطفي.
عواد الباز بطل الرواية الذي تحول الى ذئب دائم الجوع الى الجنس بشراهة، يلتهم فريسته أو زوجته دون ملل، وقد سلّط الكاتب على هذا الحرمان في عدة مشاهد في الروايّة، وصوّر وحشيته بممارسة الجنس حين ينقض على زوجته دون مقدمات وحين ينتهي ينام لأنّه أشبع حاجته. شهوته الجنسيّة لا تعرف أيّ حدود، فيشتهي زوجته منال وهي ترتدي ملابس الصلاة وفي وَضعيّتها.
لقد غلب على الرّوايّة السّرد المكثّف وافتقار الحوار، وجاء سرد حكاية عوّاد بضمير الغائب بعكس الشخصيات النسائية بضمير المتكلم.
جاءت ظهور الشّخصيات النسائية المقهورة بشكل تدريجي وتسلسلي. وقد قامت الشخصيات بتقديم نفسها أثناء ظهورها الأوّلي بعد أن سكت الرّاوي عن الكلام . فجاءت المشاهد كمونودراما،حيث تمّ تسليط الضوء فقط على الشخصية ذاتها، فانتقل من ضمير الغائب إلى المتكلم.
وفي نهاية الروايّة ينهار عوّاد عندما يفقد ابنه خصيتيه، الأمر الذي لا يستوعبه عواد فيقول هذا لم نتفق عليه، وهكذا يُنهي الكاتب الرّوايّة للإشارة إلى هزيمة الذئب ونهايته.
اما الإعلامية رائدة أبو الصوي فقالت:
في بداية الرواية أثار اعجابي بناء الرواية، بناء قوي واختيار موفق .
في مقدمة الرواية الأهداء يختزل الأحداث "الى الذين مشوا طريقهم الى أنواتهم ولم يبدلوا "عواد رغم انحرافه الجنسي الا أنه ضحية ظل يبحث عن الأستقرار الجنسي ولم يجد ضالته . فراغ عاطفي شديد نتيجة الحرمان من أول لحظة شاهد فيها النور من صدر أمّه ،نتيجة غطرسة وبطش جدته عصرية.
أحداث الرواية تثير الشك بأن الكاتب شخص واحد .شعرت بأن هناك كاتبة أيضا شاركت في السرد، مشاعر أنثوية قوية جدا بالرواية ،كيف استطاع الكاتب وصف مشاعر شخصيات الرواية النسائية بدقة فائقة (مليحة الأحمد /تاليا/عصرية /الذلول/نادرة/سارة العمار/عائشة/منال العاسر؟
كيف ارتدى الكاتب روح النساء؟ألم ووجع في النص ص45،عندما انطلقت رصاصة طائشة من ابن عاق ،رصاصة اخترقت صدر "الذلول"والدة عواد الباز .
رغم الظلم وشناعة المشهد إلا أن وصف فرحة الأم عندما سمعت صوت عواد ينادي "يمه .يمه .يمه،
الرواية فيها الكثير من القضايا الاجتماعية التي تستحق الطرح وكل قضية أخطر من سابقتها ،رغم تحفظي من بعض الصور الاباحية والتلميحات المثيرة خصوصا
وصف منال وهي تصلي على سجادة الصلاة وهي بملابس الصلاة .ص164.
هنا اختراق وتعد على الدين .تمنيت لو لم يوجد هذا المشهد في الرواية .
نحن مجتمع شرقي لنا قيم لا يجوز تعديها.
وكتبت هدى خوجا:
عنصر التّشويق واضح في الرّواية، أسلوب متناغم مع النّص وتتداخل وتتسلسل الأحداث، صورة الغلاف مناسبة مع محاور الرّواية وشخصية الذّئب، ركّز الكاتب على قضايا هامّة تخص المرأة، ومنها تفضيل الابن على البنت، وعدم المساواة في التّعامل، الاستخفاف في الحقوق والواجبات الخاصة للمرأة من الرّجل. مثال ص30"يومها عرفت القهر وكرهت أن أكون امرأة" ص32 "كدت أغرز الشبرية في قلبها في اللحظة التي تأكدت فيها أنها أنجبت هاجر ابنتها الأولى، لكن صخرا لان لها واستحلفني أن أبقي عليها سنة أخرى لعلها تلد ولدا"ص35 "يومها كرهت أنوثتي وجمالي اللذين كانا سبب شقائي ونهايتي التي أصبحت عليها "،كان الكاتب موفقا في اختيار أسماء الرّواية مع طبيعة الشّخوص ومحاورها.
الحبكة والأحداث متلائمة مع مجريات الرواية ومتناسقة بحركات ايقاعية .
شخصيّة عواد الباز أخذت محاور عديدة في الرواية مع تغير شكلي واضح في الشخصية الرئيسة ألا وهي عواد الباز
النّهاية تدعو للتّفكر والتّأمل إلى ما رمى اليه الكاتب والتساؤل ولم لم يمت ابن
وقالت رفيقة عثمان:
رواية ذئب الله، عنوان لا يليق بالرواية، المسرودة؛ لنسب الذئب على اسم الله الجلالة.
صورة الغلاف عبارة عن صورة قاتمة لوجه رجل بلون أسود لكل الوجه، مما جعل صورة الغلاف غير جذابة.
تميز اُسلوب الكاتب، بسرد سلس، واستخدام لغة عربية فصحى، بليغة؛ تتلاءم مع وقائع السرد، وذات معانٍ للبيئة البدوية.
اتصفت الحياة الاجتماعية بحياة بدوية قاسية المعيشة؛ وفيها تهميش للنساء، وظلم وقمع لحياتهن الخاصة. التعامل مع النساء بوحشية وقسوة كبيرة جدا.
تمثلت شخصية البطل عوّاد بالعربدة والانتحال والشراهة، والطمع وشهوته نحو النساء.
اصطنع الكاتب تقنية تعدّد الرواية، وأحيانا كان الراوي هو المتحدث؛ هذه التقنية السردية للراوي تعتبر تقنية فنية وتحسب للكاتب.
وقالت سوسن عابدين الحشيم:
زمن الرواية كان فترة السبعينات وما آلت إليه الأحداث التاريخية في الأردن ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين فيها. اختار الكاتب أسلوب السرد القصصي وبلغة سلسة بسيطة ابتعد فيها عن الخيال، كانت الرواية واقعية الى حد كبير، اختلف الكاتب في روايته عن الآخرين حيث وصف لنا كل شخصية باسمها على حدة في بداية روايته، لم يجعل القارئ يكتشف سمات الشخصيات بل وصفها وصفا دقيقا ليتعرف بها القارئ عن طريقه، بطل القصة عواد الباز والذي أطلق عليه عنوان الرواية ذئب الله، كان فعلا شخصية متوحشة يتغوّل بالنساء كذئب يعيش في الغابة والحياة للأقوى، يحصل على مراده بقوّته وماله، لكن نسبه لله هو اختيار غير موفق لأنّ كل ما ينسب لله يكون من اسماء أو صفات الله عز وجل
أما الكاتب جميل السلحوت فقد قدم ورقة كان قد نشرها قبل أيام من الندوة حول الرواية، جاء فيها:
تتحدّث الرّواية التي لا ينقصها عنصر التشويق، رغم بتر نهايات حكاياتها، عن شخص اسمه عوّاد الباز ولد في مجتمع عشائريّ، يخضع لأعراف القبيلة، ومن أمّ هي حسب العرف العشائريّ "غرّة ديّة"، وذلك لأنّ عمّه عوّاد الكبير قُتل من قبل أبناء قبيلتها، ومن الأعراف العشائريّة عند الصّلح العشائريّ لقضايا القتل أن يقدّموا لأهل القاتل إحدى بناتهم الحسناوات لتكون "غرّة ديّة" لا حقوق لها، وهذا ما حصل مع الذّلول التي أصبحت زوجة لصخر شقيق عوّاد القتيل، لتلقى هناك الذّل والهوان على يدي والدة القتيل، ولتنجب منه ابنها عوّاد الباز بطل الرّواية.
وفي الرّواية ظهر لنا كيف خضع في بيروت لتاليا اليهوديّة التي جرّته لنزواتها الجنسيّة، وعندما كانت تنتهي منه كانت تضربه وتطرده من سريرها وتحتقره.
وفي نهاية ورقته تسائل السلحوت، لماذا اختار الكاتب هذه النّهاية لروايته؟ خصوصا وأنّنا في مجتمع يعطي الفحولة درجة عالية، فهل المقصود أنّ من يتعامل مع قوى الارهاب سيكون ضحيّة لها، وأنّها قد تصيبه في أغلى ما عنده؟ أي أن شرورها قد ترتدّ عليه دون أن يدري؟ أم أنّ المقصود هو "خصي" قوى التّمرد؟ فعوّاد الباز لن يكون له امتداد، فابنه الوحيد بات مخصيّا بالسّلاح الذي كان يتاجر به أبوه.
ومن اللافت في الرّواية خضوع عوّاد لتاليا اليهوديّة، وكأنّي بالرّواية هنا تقول أن مصدر عصابات تهريب السّلاح، هو اسرائيل التي تعرف مسبقا لمن يباع ومن يستعمله وضدّ من؟
واختتمت نزهة أبو غوش بورقتها التي جاء فيها:
أخذت المرأة حيّزا واسعا في رواية الكاتب، جهاد أبو حشيش،" ذئب الله" حيث أنّ معظم شخصيّات الرّواية تدور حول تلك الشّخصيّات، فقد استخدمها الكاتب كوسيلة مبالغ بها؛ من أجل اقناع القارئ بمدى شذوذ، وفجور بطل الرّواية " الذّئب" عواد الباز.
بيئة الرّواية: الأُردن: مدينة عمان، اربد ، والأغوار؛ وبيروت.
تناول الكاتب أبو حشيش في روايته شخصيّات نسائيّة أُخرى مغايرة لشخصيّاته السّابقة شخصيّات سلبيّة اجتماعيّا قهرها الرّجل والمجتمع، وظلمتها المرأة قبل الرّجل، فشخصيّة (الذّلول) الّتي لم يذكر الكاتب اسمها الحقيقي في الرّواية. الذّلول هي ضحيّة المجتمع البدوي وعاداته البائسة، حيث زوّجها أهلها مقابل الرّجل الّذي كانوا سببا في قتله – عواد الأوّل –
إِذا ما حاولنا أن نحلّل الشّخصيّات النّسائيّة في الرّواية حسبما حلّل بعض النّقاد روايات نجيب محفوظ، مثل محمود راغب وغيره، حيث قالوا بأنّ المرأة في روايات نجيب محفوظ تمثّل الوطن. يمكننا القول بأنّ التّقلّبات السّياسيّة الغريبة الّتي حدثت في الأُردن، مثل هجرة الشّعوب من كافة الوطن العربي واختلاط الطّبقات واللغات والثّقافات؛ قد أدّت إِ لى تغيّر اجتماعي ملحوظ في هذا الوطن، ربّما في ظلّ هذه الظروف الجديدة يمكننا القول بأنّ المرأة في رواية أبو حشيش تمثّل ولو جزءا من وطن الكاتب، الّذي وقع عليه عبء كبير وضغوطات، وتقهقر اقتصادي وغيره.