رسالة من غانا و(مس كول) من نيجيريا !
رنا شاور
04-03-2009 03:13 PM
أستقبل يومياً في بريدي الالكتروني رسائل بالعشرات لا أعرف مصدرها لأشخاص بأسماء عجيبة مثل بابا ادريس ومستر زونغو و الدكتور توم والبارونة عزة كابوري وغيرهم، أو رسائل تنتحل أسماء شركات ومؤسسات وبنوك دولية.
يرسل سالفو الذكر رسائل محكمة الكتابة وبليغة ومكتملة الأركان لا تحتاج إلا من يصدقها، ولا شك أن معظم القراء يستقبل ذات الرسائل التي تدور فكرتها حول نية المرسل اقتسام ثروة مع المرسل إليه أو إيهامه بأنه ربح مبلغا من المال على أن يرسل الثاني قيمة نقدية معينة أو رقم بطاقة الائتمان، وفي الرسائل قصص مختلقة ومدروسة بعناية، وعادة ما يرفق في الرسالة إمعانا في التمويه روابط الكترونية لشركات وهمية أو أرقام هواتف أو عناوين مفبركة تخص الطرف الأول لتعزيز قناعة المستلم بصدقية المضمون. أما مصدر الرسائل متعدد وهي غالبا ما تأتي من دول مثل جنوب افريقيا أو نيجيريا أو غانا أو أريتريا أو سيراليون، حيث الانهيار الاقتصادي والفساد السياسي.
والملفت في تقرير مصور أعدته قناة سي ان ان الأمريكية، شاءت الصدفة أن يتزامن مع قصص عديدة لرجال أعمال أردنيين وقعوا فريسة الاحتيال، فإن أولئك النصابون لا ينقصهم المال أصلاً، فهم يديرون عملياتهم بحرفية لا تخلو من طرافة من جهاز كمبيوتر داخل بيوت مرفهة أشبه بالقصور تقف أمامها سيارات لامعة ويحيطها برك السباحة ومنتزهات منزلية، ولهم عوائل يعتاشون من مهنة النصب التي لا يخجلون من الحديث عنها كمهنة مثل باقي المهن!.
المسألة تبدو مسلية لمن أراد مناكفتهم، وقد قررت يوماً أن أبادل أحدهم الرسائل وهو مواطن صالح ومحامٍ من غانا، كما يدعي، وطلب مني بعد سيل من المديح أن أرسل له مبلغ خمسة آلاف دولار لينهي اجراءات نقل ثروة موكله الثري المتوفى ويرسل المبلغ الذي خصني به، وعندما ماطلته قدم مبادرة طيبة بأن خفض المبلغ إلى ثلاثة آلاف دولار لأنه سيبيع ساعته الرولكس ليغطي بعضاً من النفقات المنوطة بي!.
ان كنا نريد أن نماطل هؤلاء بداعي ظرافتهم، إلا أنهم ليسوا سذّجاً كما يبدو لك، ولولا أنهم وجدوا من يطرب ويستجيب بحكم الطمع أو حلم الثراء السريع لما استمروا بإغراق بريدك الالكتروني بفائض رسائلهم، وهناك قصص حقيقية لمواطنين أردنيين وقعوا في الفخ قبل أن يحاولوا انقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن خجلهم الإجتماعي كان وراء تكتمهم وعدم إفصاحهم.
غير ذلك ، تلقيت الأسبوع الماضي مكالمات فائتة مكررة على هاتفي الخلوي (مس كول) من أرقام مجهولة خارجية، وعندما استطلعت مصدر الرقم الدولي، وجدت أنه من النيجر!. ليس لي أقارب في النيجر وليس لي أصدقاء .. لكن أولئك الدجالون لا يعدمون وسيلة، فهم يغتنمون كل أداة اتصال لتصيد ضحاياهم، وعلى الهاتف يوهمون المتلقي علمهم بأمور غيبية تخصه، بل يتمادون في غيهم عبر إشعار الطرف الثاني قدرتهم إيقاع الأذى به إن لم يبادر سريعاً بإرسال مبالغ معينة.. وهو ما حذرت منه مرة هيئة تنظيم قطاع الإتصالات.
التحذير وحده لا يكفي ، ولأن الأجهزة الأمنية لن تستطيع أن تطارد خيالات وأسماء وهمية فالمطلوب ، توعية مكثفة وحملة إعلامية واسعة تتباناها وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ، وذلك للتعميم والتحذير من تلبية الدعوة التي تقدمها وسائل الاحتيال الألكترونية أو التي تتم عبر وسائل الاتصال، قبل أن يذهب عدد أكبر من المواطنين ضحية تصديقها.
الراي