كثيرون يخلطون بين حب الوطن و احترام القوات المسلحة و تقدير عمل المخابرات العامة و معارضة الحكومة ، يتصيدون في ماء عكر فإن وجدوه صافيا زلالا رموا فيه كل ما يستطيعون جمعه مما يعكر صفوه ليكون صيدهم ثمينا لهم و ما هو كذلك مهما علت قيمته عندهم ، الانتماء شعور لا مظاهر و الولاء عمل لا شعارات و الفرق بين المواطن و المستوطن كالفرق بين الأم الحقيقية و الأم الدعية و القصة أشهر من أن نعيد سردها .
الوطن أيقونة ترتسم في أذهان أبناءه و تتمثل لهم في كل عمل يقومون به ، و في كل كلمة ينطقونها أو يكتبونها ، و في كل مشهد يتخيلونه في أحلام نومهم و أحلام يقظتهم ، و الأردنيون يستطيع من يريد من الخصوم و الشامتين في عوزهم و حاجتهم أن يرى فيهم ما يشاء من المساوئ إلا انه سيعجز حينما يبحث عن شيء يخدش كرامتهم أو يقلل من عروبتهم و وطنيتهم أو ينتقص من شهامتهم ، كلت أرض العرب كلها من أقصى إلى أقصى من كثرة وقع أقدامهم جيئة و ذهابا لنصرة الحق في كل مكان و كل موقعة ، و كنا مع المسجد الأقصى في كل واقعة و موقعة غضب الأحباب أم لم يغضبوا و سيئت وجوه الحلفاء لا فرق .
الجيش الأردني عمل بكد و جد على مدى عقود طويلة بمهنية عالية و ترفع عن الدخول في السياسة أو التدخل بها كما فعلت معظم الجيوش العربية ، و ساعد و كر و تحيز إلى فئة أو فئات حتى لم تبق فئة عربية لم ينحاز إليها دفاعا عن هذا الوطن العربي الممزق ، يمزقون و نرتق ، و يفرقون و نجمع ، و يشمتون و نفخر و يحسبوننا أغنياء من التعفف و نصمت ، نقبل بالقليل لأنه أبرك من كثيرهم ، و نرفع رؤوسنا و يطأطئون و نقول الحق و يداهنون ، و نسندهم و كثيرا ما لا يستحقون.
والمخابرات العامة نلومها على بعض أفعالها أحيانا ، و لا يستطيع فعل ذلك أحد في كل أرجاء المعمورة العربية ، و ننتقد أدائهم و لا ننزههم فهم بشر مثلنا يصيبون و يخطئون ، و لكننا و كل من حولنا نعلم و يعلمون رغم انحناءة فرسان المخابرات لالتقاط سيوفهم أحيانا يبقون هم العيون الساهرة التي لا تنام ، و يحمون الوطن من غوائل الدهر و من أيدي الخارج و أدواته أن تنال من الأردن أو ترميه بالقهر ، يعملون و لا يحصلون على ما يستحقون من تأييد و دعم من الكتاب و الإعلام فطبيعة عملهم لا تسمح بالكثير من الكتابة عنهم و لهم.
الأردنيون يعيشون حالة من القلق على معاش حياتهم و اقتصادهم الراكد و سياسات حكومتهم التي لا ترضي و لكنهم راضون عن أداء جيشهم و أبنائهم في القوات المسلحة و في الأجهزة الأمنية و المخابرات العامة ، و نكتب كثيرا في نقدنا للحكومة ليس كرها بل حبا و ليس تجريحا بل تحذيرا من أن يفترسنا الإقليم بذئابه المنفردة و المجتمعة ، نكتب ناقدين لأننا نحبه هذا الوطن و إن قسا علينا أحيانا و نتقرب إليه وان ابتعد ، و لا نغير ما في نفوسنا و لو غير بعض بعضه ما في نفوسنا فحبنا حب الولد لأمه حبا بارا لا عقوق فيه.
أثلجت صدورنا أخباركم تحبطون محاولات غاشمة للنيل من الأردن قواكم الله و أعانكم و جعل ما تعملون في موازين أعمالكم حسنات ، و نرجو أن لا يحبط عملكم أن يستخدمه البعض ذرائع للتغطية على ما يغيظ.
قبل أن أغادر كنا دائما فخورين بكم أيها الجنود البواسل على الحدود و العيون الساهرة من جنود مجهولين لا نراهم و لكننا ننعم بسهرهم نوما هادئا هنيئا ، نسأل الله أن يديم الأمن و يرفع نقمة الضنك و العوز عنا و يعيد أيام زمان ... و سلمت أيديكم
سقى الله زمانا ظننت ما يعود و لكنه عائد لا بد بإذن الله.