فعالية النظام السياسي الأردني وتنويع الأدوار
د. عدنان سعد الزعبي
10-01-2018 10:47 AM
الحراك السياسي الأردني والموازي للحراك الدبلوماسي الذي يتم بامتياز يعطينا كمواطنين ومراقبين التفاؤل في مستوى تنسيق الأدوار بين سلطات النظام السياسي الأردني، ليس على المستوى الداخلي فقط، بل والاقليمي و الدولي ، فما نشهده من حراك سياسي لمجلس النواب إنما يشكل حالة من البعث الجديد والتشاركية الفعالة التي كانت من المفروض أن تكون أدوات فعالة تساند الملك ،وتحقق الطموح الأردني في رؤياه المحلية والإقليمية والدولية، بحيث تمكن الأردن من أن يشكل البدائل والخيارات السياسية والاقتصادية التي تتطلبها المرحلة الحالية .
فزفير مجلس النواب في طهران وشهيقه في سوريا ولبنان ترجمة للدور الذي كان يجب أن يلعبه مجلس النواب والأعيان والنقابات ومراكز القوى المختلفة بهدف تعزيز الإرادة الأردنية في تحقيق الأهداف الوطنية والقومية والأممية التي ينتسب اليها الوطن خاصة وأن الدبلوماسية الاردنية تشهد نشاطا مثمرا وبنّاءً بتوجيهات ملكية واضحة استثمرت العلاقات الطيبة والسمعة الإيجابية في بناء شبكة من العلاقات والثقة والمصداقية . فظروف الاردن تحتاج إلى مشاركة ادوات النظام الأردني جميعها بما فيها الشعب بالتفافه حول قيادته وتفهمه واقع التحديات، كذلك الارض ببعدها الجيوسياسي والتطلع إلى مصالح الدول العربية وأمنها واستقرارها بعيدا عن التدخل أو الإساءة التي يحاول الكثيرون وبشتى صنوف الإغراءات زجنا بها منذ زمن طويل. فقاعدتنا في الاردن أنه لا علاقة سلبية ولا إساءة لأي بلد شقيق أو صديق، والترحيب بإقامة علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بعيدا عن الإساءة أو الاستفزاز أو الزج بنا لمواجهة الآخرين.
الدكتور ممدوح العبادي قال : أننا لا نستطيع أن نبقى بعيدين عن العالم ، وأننا بأمس الحاجة لمعرفة التقلبات والخارطة التي يرسمها أصحاب القرار الدولي لنكون بمأمن من السلبيات التي يخططونها للعالم . وقال نحن نملك الإرادة ونملك التصميم ولدينا قيادة تملك المقومات لأن تخرجنا دائما من المحن ، لكن الأمر يحتاج الى أدوات تساند هذه الإرادة وهذه العزيمة ، فالأعيان والنواب والقضاء والإعلام والشارع العام أدوات لا بد وأن تأخذ ادوارها لتوحيد الرؤية والهدف والطريقة في الوصول لتحقيق المبتغى، وبناء المنهج التكاملي في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
فبهذه الكلمات لخص الدكتور ممدوح العبادي ، مفهوم مسؤولية القطاعات والادوار التي يجب أن يقوموا بها، فالأوطان لا يمكن أن تنمو وتتطور وتواجه تحدياتها دون عمل الجميع وقناعة الجميع بأن لهم دور مهم لابد من القيام به يتناسب مع مسؤولياتهم وانتماءاتهم الوطنية .
لقد وجدت عددا قليلا من السياسيين من استطاع أن يستوعبوا الحالة، والطموح و الرؤية التشاركية واللغة العالمية والسلمية المتوازنة التي طرحها الملك على الدوام. وبناء قاعدة من العلاقات والصداقات التي لا بد وأن نجدها في أحلك الظروف. نعم ، بهذه الكلمات لخص لي ممدوح العبادي قبل عام مفهوما لعمل والجهد والانفتاح على العالم والذي وجدنا نتائجه الآن عندما وقف ألعالم باسره ضد القرار الأمريكي ووجه له رسالة الحق والمنطق وعدم التبعية ، بأن القوة والهيمنة والجبروت لا يمكن أن يستمر أو أن يفرض خاصة وأن المجتمع الدولي يتحدث عن العدالة الدولية وقوانينها .
فقبل عام توجهت للدكتور العبادي وعدد من رؤساء الحكومات ووزراء الإعلام وشخصيات أردنية ، لأتساءل معهم جميعا حول فلسفة النظرية التي أعمل عليها لنيل شهادة الدكتوراه في فلسفة الإعلام ومدى حاجة الإعلام لنظرية إعلامية جديدة تتعامل مع الواقع الإتصالي المتشابك في الكرة الأرضية ، ملبية لطموح البشرية نحو التواصل والتشارك .وكذلك مدى توافق الرؤية الملكية للإعلام مع الدور التشاركي للإعلام الأردني والنظام السياسي الأردني بكل مكوناته نحو الانفتاح والتشاركية مع العالم.
ما راودني بهذه الإطلالة وجود افكار نيرة وآراء عميقة وذات رؤية تستحق أن تؤخذ أو يتم تبنيها أو الاستماع اليها على الاقل كونها تختصر المسافات الزمنية وتختزل الجهد . فالرؤية الثاقبة الصائبة تستحق تداولها. فما ذكره العبادي لي قبل عام ، يتم تطبيقه الأن كحاجة ماسة وضرورية وحتمية في المسيرة الوطنية .
نحن دولة تستحق أن يرفع اسمها وتخلد مواقفها ، وأن تشكر قيادتها ورجالها ، وأن يكون صوت ممثليها عاليا في كل محافل العالم ، ففي ذاكرتنا الوطنية مواقف شموخ وعزة وشواهد رجولة وإباء ، قلما وجدناها في عصر يتسابق الكثيرون للرمي بأنفسهم والزج فيها بين أحضان الغرب بدون ثمن ولا حسابات .
ما يدعوني دائما كمواطن ومراقب، الى التفاؤل ، وجود أصحاب فكر وطنيين يسعون على الدوام لبيان واقع المسيرة، وينادون بلغة الجماعة ، والعمل المشترك الذي يصنع الأوطان ، وها نحن نعيش فكر الجماعة وصيغة الجماعة رغم حاجتنا للعباقرة والمصلحين، واصحاب الرشد والحكمة ومحبي الوطن .