الرسائل الملكية في لقاء النوّاب
أ.د.محمد طالب عبيدات
10-01-2018 01:25 AM
حمل لقاء جلالة الملك المعزّز مع السادة رئيس مجلس النواب ورؤساء اللجان النيابية الكثير من الرسائل الملكية السامية بخصوص الإصلاح والأوراق النقاشية والمسؤولية الوطنية والتحدي الاقتصادي والحفاظ على الطبقة الوسطى ومحاربة الفقر وغيرها، لكنني هنا سأركّز على قراءة الرسالة الملكية بخصوص المسؤولية العامة:
1. الرسالة الملكية كانت واضحة بضرورة استقالة المسؤول العام غير القادر على الإنجاز أو الذي لا يمتلك رؤى تطويرية أو المتقاعس أو الذي لا يمتلك ثقة اتخاذ القرار أو الذي لا يمتلك صفات القيادة ومهارات الاتصال والعمل بروح الفريق.
2. العمل العام شرف وتكليف لا تشريف، وكانت الرسالة الملكية واضحة لمن لا يقوموا بواجباتهم الوظيفية ضرورة الاستقالة والتنحي وإعطاء الفرصة لغيرهم ممن هم متحمسون لخدمة الوطن الأشم، فالاستقالة للمقصرين أهون من الإقالة.
3. المسؤول في الموقع العام من المفروض أن يكون سادن لمتلقي الخدمة لا فوقي عليهم، ولا يبحث عن شعبويات رخيصة على حساب المؤسسة والوطن.
4. المسؤول في الموقع العام عليه تطبيق القانون وأن يكون عادلاً وشفافاً ونزيهاً وأن لا يكون شللياً ولا طائفياً ولا مناطقياً ولا متخندقاً ولا منتقماً ولا مُصفّي لحسابات ولا صاحب أجندات خاصة.
5. المؤسسات العامة مُلك لكل الأردنيين فهي ليست ممتلكات أو مزارع خاصة فكل الكفاءات الأردنية مُهيّئة لاستلام موقع المسؤولية لأن الكراسي دوّارة.
6. أبجديات واجب الموظف أنّى كان سواء في القطاع الخاص أو العام تقوم على تقديم الخدمة المميزة عن طيب خاطر لمتلقي الخدمة، وواجب المسؤول احترام الموظف وتحفيزه إن كان مبدعاً وتوجيهه ومساءلته إن كان مقصراً، لكن للأسف معظم الممارسات على اﻷرض فيها من السلبيات الكثير.
7. التوجيهات الملكية السامية تضع الحكومة على المحك لمحاسبة أي مسؤول مقصر في خدمة المواطن وهذا يثلج الصدر، ويضع الكرة في مرمى الحكومة لعمل ثورة بيضاء في اﻹصلاح اﻹداري والمالي وفي مرمى المجتمع لتغيير ثقافته المجتمعية.
8. كي نفكّر في حلول خلّاقة لذلك، لنعترف بأن الترهل اﻹداري واﻹبتزاز الوظيفي والتقصير وعزف اﻷوتار وعدم إتقان العمل أو القيام به خير قيام والواسطة والمحسوبية والشللية والفساد اﻹداري والمالي وغيرها موجود عند بعض أصحاب النفوس المريضة.
9. نستطيع من خلال الحكومة اﻹلكترونية وأتمتة وحوسبة بعض الخدمات التخفيف من بعض قضايا التقصير في الوظيفة العامة، لكن اﻷهم أن نضع مخافة الله بين عيوننا ومحاسبة الضمير في وجداننا والجانب اﻹنساني ومواطنتنا وانتمائنا في قلوبنا لتستقيم اﻷمور بوازع داخلي.
10. كثير من الموظفين يعملون إرضاءً للمسؤول وأمامه فقط دون العمل بمؤسسية أو بمنظومة أخلاقية او وظيفية أو ضميرية، وكثير من المسؤولين -وخصوصا من خدمتهم طويلة- ينظرون لمؤسساتهم كمزارع أو مملكات تؤهلهم ﻹبتزاز موظفيهم دون مساءلة!
11. أحياناً يتذرع البعض ويستغل موقعه لتأجيل معاملات الناس أو العمل باستبطاء أو التبجح بحجج واهية للمغادرة وتقليل اﻹنتاجية وتأخير متلقي الخدمة دون خوف أو وجل أو ضمير يحاسبهم.
12. أعجب من أننا ندّعي اﻹيمان والضمير والبعض لا يقوم بواجبه على ما يرام! وأعجب لماذا نرى الغرب يقومون بواجباتهم على أتم وجه رغم أننا ننعتهم بالكفر! ففي القلب غصة، ونتطلع لمحاسبة كل مقصّر ﻷن الدين المعاملة.
13. ربما وضع مؤشرات اﻷداء القابلة للقياس والتقييم المستمر والمحاسبة والمساءلة وتطبيق لغة القانون دون مواربة ستضع حداً لكل من تسوّل له نفسه بالعبث بالعلاقة الوظيفية المحترمة بين الموظفين والمؤسسات من جهة وبين متلقي الخدمة من جهة اخرى، وهنالك توجهات إيجابية عند بعض المسؤولين والوزراء في هذا الصدد.
14. مطلوب مؤسسات حكومية وخاصة رشيقة وتسعى للخدمة لا صنع مسؤولين هوامير أو مقدمي خدمة انتهازيين، ﻷن اﻷصل خدمة المواطنين واحترامهم دون منّة.
15. مطلوب أن تنعكس الخطط اﻹستراتيجية والتطويرية على صغار الموظفين مقدمي الخدمة، وإلّا فإن هذه الخطط تدخل باب التنظير واﻷبراج العاجية.
16. مطلوب برامج تنفيذية حكومية وغير حكومية للأوراق الملكية النقاشية السبع وترجمتها على الأرض لتنعكس على أدائنا الوظيفي ومعاملاتنا وخدماتنا مسائل مهمة مثل الدولة المدنية والعدل والمؤسسات والديمقراطية والإصلاح والحكومات والقانون وجودة التعليم والخدمة العامة والخدمات والحاكمية والقضاء وغيرها.
17. مطلوب ميثاق شرف أخلاقي ووطني واجتماعي يجرّم الواسطة والمحسوبية والشللية ويحافظ على إعطاء الحقوق لأصحابها.
بصراحة: لتطبيق الرسائل والأوراق النقاشية الملكية نحتاج لمنظومة مساءلة مرتبطة بمؤشرات أداء، فمهما غلّظنا العقوبات على المقصرين في الوظيفة العامة فلا جدوى فعالة دون وجود المساءلة الحقيقية والضمير والجانب اﻹنساني اللذان هما أساس إتقان العمل وتقديم الخدمة المثلى للمواطنين، ونتطلع لثورة حكومية بيضاء ولتغييرات جذرية لا مثالية فقط في منظومة العلاقة بين متلقي الخدمة ومقدميها وبين المسؤولين والمرؤوسين.