facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الإعلام العصا السحرية !


سليمان الطعاني
09-01-2018 03:53 PM

يوصف الاعلام المعاصر بأنه جريمة القرن العشرين، لأنه أصبح كالعصا السحرية التي تتحكم بالعقول، وتوجيهها لتبنّي مختلف المواقف، لما له من قدرة على خلق واقع وهمي جديد لا يمكن أن تراه الا من خلال الإعلام.

جسد الفيلسوف جان بودريار في أطروحته (موت الواقع) الواقع الذي نعيشه اليوم، والذي هو أقرب إلى الوهم منه للحقيقة، بقوله: الكثير من المعطيات الحالية عندما نقارنها بأرض الواقع نكتشف أن الواقع مصطنع، ونصل أحيانا الى نقطة مفادها انه لا توجد أسباب حقيقية لكل ما تثيره الوسائل الإعلامية من حروب اقتصادية، ومخاوف أمنية وصحية، وما نعيشه ليس سوى حروب وهمية، تهدد عقولنا صنعتها آلة الاعلام لتخدم اجندات مختلفة تنصب كلها لصالح الأقوى الذي يقدم فكره في ثوب الحقيقة تارة، وفي ثوب الحرية تارة أخرى.

نحن أجيال اعتادت على الإعلام والانترنت لعقود طوال لتشكيل أفكارنا وآرائنا، وبناء اتجاهاتنا ومبادئنا، وفلسفاتنا الحياتية، تعودنا على أن نتجرّع الأوهام وأضعنا أعمارنا بالأوهام لتغطية النقص الحاصل في عقولنا والهروب من الواقع الأليم، ومن طبيعة عقل الانسان أنه يميل أكثر الى تلقي الخرافة، والوهم، وتصديق المجهول عندما تنعدم أمامه الخيارات، وكما سكنت الخرافات المجتمعات القديمة نجدها أيضا تسكن مجتمعاتنا المتطورة، بل أن الانفتاح الذي نشهده ساهم في نشر الوهم، والخرافة بشكل أوسع، وأسرع. والامر لا يتوقف عند مستوى تعليمي، أو ثقافي، أو اقتصادي معين.

المتتبع لواقع الإعلام يجد أن الاعلام يحارب كل ما هو جاد ومفيد لصالح تنوع هائل في البرامج .. والناس ككل أصبحوا نوعان، ضحية وجلاد في الوقت نفسه في تعرضهم للإعلام، ضحية لكون المتلقي يتأثر بكل ما تنسجه الرسائل الإعلامية من صور سلبية وتضليل وتشويه للحقائق وقولبة وتعميم واعتداء على رموز الوطن ومؤسساته ومقدراته... هذه الضحية تتأثر بهذه الرسائل وقد تنهج نهجها في كثير من الأحيان. وقد يكون المتلقي للرسائل الإعلامية جلّاداً أيضاً بقلة وعيه بما يتلقى من رسائل وتسليمه بما تحمله من خداع، وترويج للوهم، ودغدغة المشاعر الإنسانية ضمن خطط إعلام موجّه يتضح جلياً في صناعة الأخبار المفبركة، والمبالغ فيها.

من هنا يأتي موضوع التربية الإعلامية هنا كمشروع تمكيني لتمكين الأفراد من المهارات والخبرات التي يحتاجونها لفهم الكيفية التي يشكل الإعلام فيها إدراكهم وتهيئتهم للمشاركة كصانعي إعلام ومشاركين. تربية اعلامية تشجع على المواطنة المسؤولة، والعمل الجماعي، والحياة الواقعية، وتتّسق مع مهارات التفكير العليا وتنميها، وتمكن الفرد من أن يصبح مستهلكاً حكيماً للرسائل الإعلامية من خلال زيادة قدراته على الاتصال والتعبير، وتمكينه من التعامل مع ثقافة مشبعة بالرسائل الإعلامية. في وقت أصبحت في وسائل الاعلام هي الموجه الأكبر والسلطة المؤثرة على القيم والمعتقدات والتوجهات والممارسات في مختلف جوانب الحياة،،، وفي وقت ربما اصبحنا أكثر تقبلا للوهم، والمبالغات، لأننا ربما تربينا عليها على خطب الحماسة، و التغني بأمجاد الماضي، وانجازات الأجداد ونشأنا على البحث عن المنقذ الذي ينتشلنا من واقعنا المرير، والحلول السحرية لأية مشكلة .

ان غياب الوعي والشفافية يزيد من مخاطر الاعلام الموجّه والتأثر بإيحاءاته وسحره الذي يوظف كافة النظريات الإنسانية والنفسية والتقنية لتوجيه الرأي العام وأن الثقة العمياء في الاعلام هو ما يجب ان نواجهه وان نتعامل معه من منظور الوعي والثقافة وعدم التسرع في إطلاق الاحكام.

نحن اليوم أحوج ما نكون إلى تفكير مستقل للإفلات من مصيده القطيع الموجّه من الماكنة الإعلامية، بتربية إعلامية جديدة .





  • 1 فراس عبدالله الطعاني 09-01-2018 | 06:17 PM

    كل الشكر للأستاذ الكبير سليمان الطعاني على هذا الموضوع الحيوي والمهم طرحه في هذا الوقت الحرج والذي كثرت فيه الأقلام المأجوره والتي لا تهتم الا بمصالحها الشخصيه واجنداتها الخارجية التي لا تتماشى مع مصلحة الوطن........... ولذلك ارجو من القراء الكرام قراءة المقال بكل دقه من أجل الوصول إلى إعلام هادف وصادق دون التعدي على رموز الوطن وهيبته.... الاستاذ سليمان المحترم كلام في الصميم بحاجة منا أن نفسر كل حرف فيه من أجل الارتقاء بالإعلام نحو إعلام صادق حر نزيه غير مأجور


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :