اشكالية المراكز الثقافية ومسؤولية وزارة التربية والتعليم
فيصل تايه
09-01-2018 11:23 AM
حوّل مجلس النواب إلى الحكومة يوم الأحد الماضي تعديلا على مادة في قانون "التربية والتعليم"، يتيح للمراكز الثقافية عقد دورات تقوية لطلاب المدارس فقد شهد هذا التعديل المقترح ، جدلا واسعا داخل مجلس النواب حيث توصل الى احالته إلى الحكومة، لتحويله إلى مشروع قانون.
ويمنح هذا التعديل الصلاحية للمراكز الثقافية في عقد دورات التقوية لطلاب المدارس، على أن تخضع لـ"رقابة وإشراف وزارة التربية" حسب نص الفقرة "أ" من المادة "2"، التي اقترحتها لجنة التربية والتعليم النيابية ، ما يتيح للمراكز تدريس الكتب المدرسية.
وكما هو معروف فان الفئة الأكثر استهدافا من قبل المراكز الثقافية في برامجها الاستثمارية النفعية هم طلبة الثانوية العامة وسرعان ما شملت اغلب المراحل الدراسية من قبل بعض تجار المناهج حيث اصبح البعض يشبه عمل المراكز الثقافية وبرامج دروس التقوية فيها بعالم البورصة ، فهل هو ملعب للربح والتجارة ام محاولة للمساهمة في رفع مستوى الطلبة التعليمي ؟ ويبقى السؤال عالقا هنا ..
الا انه من الملاحظ ان تلك المراكز الثقافية الاستثمارية بدأت "برامج التقوية الخاصة بها " تتوغل عمقا في عمان وباقي المحافظات ، وباستخدام مناهج الظل من ملخصات ودوسيات كبدائل للمناهج الرسمية ، ويقبل عليها عدد كبير من طلاب المدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة من طلبة الثانوية العامة تحديدا على اعتبارها البديل للضعف المدرسي وخاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات في الفهم أو لا يملكون القدرة على التركيز طوال الوقت خلال الحصص الصفية المدرسية امام ضعف أداء بعض الكوادر التعليمية او صعوبة المناهج الدراسية المقررة .
وفيما تغيب "برامج التقوية المدرسية الاضافية " عن الكثير من المدارس ، تلعب بعض المراكز الثقافية الجادة بكوادرها التعليمية المعروفة دورا فاعلا لمساعدة هؤلاء الطلاب وتعويضهم ما فات او ما صعب عليهم فهمه واستيعابه كي لا يضيع العام الدراسي هباء منثورا بنتيجة الرسوب .
لكن .. بإمكان وزارة التربية والتعليم تفعيل دور مراكز التقوية التعليمية الاضافية المسائية ، التي سبق وكانت فاعلة عبر سنوات مضت لقاء مكافآت رمزيه لنخبة من معلميها القادرين على المشاركة بهذه البرامج حيث من الممكن ان تعتبر مراكز التقوية والتي تأخذ من المدارس الحكومية مقرا لها رديفا او بديلا ايجابيا للمعاهد والمراكز والدروس الخصوصية التي تستنزف جيوب «أولياء الأمور» بشكل كبير .
فمراكز التقوية المدرسية الحكومية يجب ان تكون نتاج مشروع متكامل تشرف عليه ادارة التعليم العام وادارة التدريب والتأهيل والاشراف التربوي في وزارة التربية والتعليم لضمان سير العمل بخطى ايجابية بعيدا عن الاستغلال أو الطمع من خلال توكيل هذه المهمة لمعلمين معروفين كفء لهم خبرة في الميدان التربوي وعلى تواصل دائم مع الطلبة حيث ان اشتراك الطلبة في مجموعات التقوية أمر اختياري بالنسبة لهم ، مما يعزز دور مراكز التقوية الاضافية الحكومية في تقوية أداء الطلبة في المواد الدراسية الصعبة نظراً لأنها تعمل تحت إشراف معلمين متخصصين ، وهنا دعونا نؤكد أن الخدمات التعليمية التي تقدمها مراكز التقوية في المدارس الحكومية يمكن ان تساعد الطالب على فهم الدروس التي قد يواجه صعوبة في فهمها ، وكذلك التدريب على نماذج عدة من الأسئلة ونماذج امتحانية مختلفة بما يعزز مهارات التفكير لديه.
كما ويمكن تحديد أسعار رمزية لدروس التقوية طوال العام الدراسي في ظل المبالغ التي تتطلبها الدروس الخصوصية أو المعاهد ، حيث تعد خطوة لتحسين مخرجات الطلبة الضعاف في مختلف المواد الدراسية ، إلى جانب توسيع مدارك الطلبة المتميزين والإجابة عن مختلف استفساراتهم والتي تؤهلهم لأفضل المخرجات ، خاصة أن هذه المراكز تتبع وزارة التربية والتعليم ، حيث وكما سبق واشرت يشرف على الطلبة كادر اداري وتعليمي من الميدان التربوي ذو كفاءة عالية ولديهم خبرة واسعة في التعليم ويمتلكون مهارات واستراتيجيات ومعلومات تساهم في إفادة الطلبة اكاديميا وتعلميا .
كما واعتقد أن الجانب النفسي عند الطلبة سيكون بنسبة مرتفعة وذلك لأنهم سيشعرون بالراحة من هذه المراكز وبأنهم سيستفيدون الكثير من معلمين على درجة كبيرة من الكفاءة تعرفهم وزارتهم جيدا ، فضلا عن الدور الأكبر الذي يمكن الحرص عليه والمنحصر في دور الاشراف التربوي ، حيث أن مؤشرات النتائج التي يمكن حصدها من وجود هذه المراكز والاشراف عليها بهمة وجدية والعائدة على الطلبة ستعد مرتفعة لأنها تمنح الطالب فرصة أوسع للتعلّم وتساهم في تحسين الفاعلية بينهم وبين المعلمين المتمكنين ، وتكون البديل عن الدروس الخصوصية وبعض المعاهد الخاصة التي تستغل أولياء الأمور بشكل كبير وتستنزف أموالهم.
واخيرا فإنني ادعو الله ان يأخذ بيد وزارتنا العتيدة للوقوف عند جوانب مهمة من العمل الذي يحتاج من الجميع تعرية للمواقف وتغذية ايجابية للعمل الجاد من اجل تحقيق اهدافنا التربوية النبيلة وصولا لغاياتنا المنشودة .
والله ولي التوفيق