استعرض جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في حديثه للجان مجلس النواب قضايا مختلفة راهنة هي محور الاهتمام وذات حساسية ، ولكن ما استوقفني وانا استمع ومن ثم اقرأ في مفردات كلام جلالته العبارة التي قالها جلالته " يجب أن لا نخدع انفسنا " .
شعرت ان في هذه العبارة ما يمس التفكير العقلاني الذي يذهب لقراءة ما وراء القول ، ويستنتج ما هو ابعد من الحديث المباشر.
ربما اننا خدعنا انفسنا كثيرا من خلال تطمينات عديدة في المجال الاقتصادي والاجتماعي ،أو ان هناك تغييب للشفافية في الحديث عن حجم البطالة وحجم جيوب الفقر ،وان هناك معالجات تجميلية بمساحيق تخفي تحتها مشكلات تنمو بعيدا عن الانظار ، من هنا جاءت دعوة جلالته اعتماد برامج الاستراتيجيات اللازمة لتحفيز النمو وتنمية الموارد البشرية ،وان تكون لدينا قيادات لديها الثقة على اتخاذ القرار القوي المنتج . ..
في حديث جلالته الذي نستشف منه قوة المركز الاردني في المنطقة ما يبعث على الثقة بسياسة جلالته خاصة مع الاعلان عن زيارة مرتقبة لنائب الرئيس الامريكي ترامب مع الاشارة الى زيارة وزير الخارجية للمملكة العربية السعودية الشقيقة قبل ايام ، مما يوحي لنا ان الاردن هو قوة مركزية سياسية وذا ثقل نوعي في الاقليم العربي والدولي ، خاصة مع تأكيد جلالته على الوصاية الهاشمية وموقف الاردن الثابت من عروبة القدس والوقوف في وجه اي مخطط يمس قدسيتها وتاريخيتها العربية ،واصبح هناك تحول عالمي في تناول موضوع القدس .
نعم .. يجب ان نقف عند قول جلالته " علينا ان لا نخدع انفسنا " ، لقد طرح جلالته سبع اوراق نقاشية ترسم طريقا في التنمية والتعليم والنهوض الديمقراطي ، ولكن لم نصل الى احزاب فاعلة ولا الى حكومة حزبية او حكومة برلمانية ، ولم تتحقق بعد تلك المشاركة الشعبية الواسعة في الحياة الديمقراطية ، واشار جلالته الى عدم تنفيذ بعض ما جاء فيها دون الاشارة الى النسبة المئوية لما لم يتم تنفيذه ،وترك التقدير لنا حتى ندرك حجم التأخر في التنفيذ ولا نقول الفشل ، ولكن هو تذكير لتصحيح مسيرتنا خاصة في نظام اللامركزية الذي دعا اليه جلللالته قبل اكثر من سبع سنوات ، حتي تم تنفيذه بصورة مستعجلة لم تستكمل ادواتها عام 2017 ؟؟
نحن دولة تتميز بمكونات فريدة اجتماعيا تمنح المجتمع الاردني قوة وديناميكية ،وقد تجلت قوتنا في مواجهة تداعيات الربيع العربي المزعوم الذي اطاح بانظمة وصنع مجتمعات دموية لا زالت تنزف .
ونحن دولة ترتكز على ارث تاريخي مستمد من الثورة العربية الكبرى التي اقول صراحة اننا نخدع انفسنا الان في الحديث عنها لاننا جعلناها شعارا دون تطبيق ولا نكاد نذكرها الان .
وفي حديث جلالته في مستهل هذا العام ما يدعو للتفاؤل ، وربما تحمل الايام ما يجعلنا على درب التنمية التي تمس ايجابيا اجراءات التمكين للطبقة الوسطى والحماية لذوي الدخل المحدود ، وسط قانون الموازنة الجديد الذي نتكهن في حمايته وتمكنيه لمجتمعنا الاردني ؟؟.
ولكن علينا ان نكون اكثر اعتزازا بوطننا الاردني وقيادتنا الهاشمية واجهزتنا الامنية وقواتنا المسلحة وهذه بمجملها هي عماد الامن والاستقرار لنا جميعا ، علينا ان نعتز بتاريخنا المشرف وثباتنا رغم كل التحديات في خدمة امتنا العربية وقضيتها المركزية فلسطين وجوهر القضية القدس مفتاح السلام ومدينة الشهداء الاردنيين .