في خضم تسارع الأحداث في المنطقة، شهدت الساحة الأردنية في الفترات الماضية انقسامات كثيرة على مجمل القضايا المطروحة، ابتداء من قرارات حكومة الملقي المثيرة للجدل، مروراً بقضية اعلان امريكا لنقل سفارتها الى القدس الشريف، تعريجاً على الموازنة، واسباب إحالة امراء الى التقاعد من الجيش العربي، وحالياً العلاقات الأردنية السعودية، وفي معظم القضايا لم يسعفنا الإعلام الحكومي بالاستغناء عن القنوات الخارجية للحصول على المعلومة.
تطالعنا التطبيقات والمواقع الإلكترونية يومياً، بأخبار عارية عن الصحة، وتحليلات اقرب الى ان تكون دراما "هندية"، وللأسف فإنها تجد سبيلاً للمواطنين المتلهفين للمعلومة، ويتناقلونها من شخص الى اخر، فتنتشر كما النار في الهشيم، فالمتلقي للأخبار بعد ثورة التكنولوجيا، لا يبحث عن مصدر المعلومة ان كان موثوقاً ام لا، وانما تبهره عبارة مسؤول امني رفيع، او موقع كذا البريطاني او صحيفة كذا الامريكية ليبني قناعته على صحة الخبر، على الرغم أن العديد من هذه المواقع الأجنبية، عبارة عن جهاز كمبيوتر وسيرفر مدفوعة من جهة خارجية.
على سبيل المثال شنَت مجموعة من المواقع الالكترونية في الأيام الماضية حملة شعواء، هدفها شرخ العلاقة التاريخية بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية، مدعومة برسائل وتحليلات على تطبيق " الواتساب " ، مستغلة فتور العلاقات بين البلدين، لتجد حاضنة لفيروس الفرقة والاختلاف لدى عامة الناس، والمستقصي عن المصادر التي ركنت اليها هذه الأخبار، يجد ان معظم هذه المواقع غير فاعلة ووهمية، واسماء المحللين غير صحيحة، وللأسف لم نجد من الداخل وسيلة اعلامية حكومية تبين لنا ما يجرى او تحارب هذه الاشاعات المغرضة بنفس القوة، وانما اختزلت المعركة الاعلامية تلك، بمقال هنا وبتصريح هناك على استحياء.
للإعلام اهمية كبيرة في ادارة الأزمات وتوجيه الرأي العام، وقد تنبه لذلك قادة العالم واستثمروا في هذا المجال لتوظيف هذه القوة لما يصب في مصالحهم او على الأقل لدرء المفاسد، وقد استثمر الأردن متأخراً في جانب من هذا المجال من خلال انشاء اعلام موازي للتلفزيون الرسمي، من خلال تأسيس "تلفزيون المملكة" والذي كان من باب اولى تواجده سابقاً للمساهمة في معالجة القضايا الشائكة الموجودة حالياً في الساحة.
على الحكومة مراجعة سياستها الإعلامية بجدية، لتواكب تطلعات المتلقيين، وتنفيذ مشاريع و منصات اعلامية تواكب عصر السرعة، كما عليها تطوير ودعم مشروع "تلفزيون المملكة" ليصبح منصة اعلامية لا ان يختزل بشاشة و حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، و حتى ينجز ما هو مخطط له، مطلوب من الإعلام الرسمي ممثلا بالتلفزيون الاردني والصحف الرسمية وكذلك الكتَاب، بضرورة مواجهة حملات التشويه التي تتعرض لها المملكة، وقطع دابر الشائعات المغرضة، ومرونة وشفافية اكثر من الناطق الرسمي باسم الحكومة.