أدى طلاب الثانوية العامة أمس، أول امتحاناتهم وهم أقل رعبا من كل عام، والقلق في تراجع، وها هم قد بدأوا بخلع رداء الهلع عن قلوب أفزعها النظام التعليمي لسنوات خلت،كان امتحان الثانوية العامة إما حياة او موت، وليس هناك خيارات أخرى.
الآلية التي أعلنت عنها وزارة التربية في احتساب الرسوب والنجاح، ولدّت طمأنينة كبيرة لدى طلاب متفوقين في مواد تعليمية وضعيفي التحصيل في مواد أخرى، فالحاصل على علامة 40 بالمئة بإمكانه النجاح والتعويض في مواد أخرى بالحصول على علامات عالية، وبالتالي رفع معدله العام.
لن يكون لدى الأردن في نهاية السنة الدراسية راسبون بأرقام فلكية كما في السنوات السابقة، راسبون مدمرون ،مهمشون اجتماعيا ،لا أفق أمامهم سوى الشارع ،او التخلي عن التعليم للأبد، وكأن العيب في كل من رسبوا سابقا ،ولا خلل آخر في المنهاج ،أو طريقة التعليم، أو كفاءة بعض المدرسين(...).
لا يمكن لي ان أستوعب بأي حال أن النسبة العامة للنجاح العام الماضي بلغت قرابة 55 بالمئة،بمعنى أن نظامنا التعليمي أدخل نسبة كبيرة ممن لم يجتازوا امتحان الثانوية إلى حيز الفشل ،وبالتأكيد الطالب ليس وحده المسؤول عن هذا الفشل.
في الأعوام السابقة ،كنت عندما استعرض برنامج الامتحانات للثانوية العامة ،أشعر أن الطلاب عبارة عن هدف يصوب عليه الجميع،وهو يتلقى «طعن الرماح»من كل صوب وحدب ،من مجتمع أفزعه ،ومن نظام علامات خشبي،ومن تدريس تلقيني (...).
برنامج الامتحانات للعام الدراسي الماضي كان وحده كفيلا بالاجهاز على الطلبة بضربة قاضية ،من مجرد النظر إليه ،فقد جاءت الامتحانات في شهر رمضان ،وكانت متتابعة ،لا استراحات بينها ،وكأن الهدف هو الانتقام من الطلاب،حتى أن احد المسؤولين ،أفشى لي سرا عظيما بقوله :»نريد أن نعلمهم كيف يدرسون تحت الضغط»،أي ضغط هذا ،وما الهدف منه ؟لم افهم منه حتى الآن ما العبرة.
من وضع برنامج الامتحانات للعام الحالي،وضع نصب عينيه أنه يتعامل مع بشر ،لهم قدرة على التحمل ،فهو يريدهم طلبة ،وليسوا نماذج أردنية «لسوبرمان»،فباعد بين الامتحانات ،وأعطى الطلاب فرصة كافية لمراجعة مئات الصفحات.
ما أقدم عليه وزير التربية والتعليم عمر الرزاز وفرق الوزارة المعنية ،هو بداية لوقف نزيف جرح أردني استمر لسنوات ،هي بداية لمغادرة مربع ساديّ أذاق طلاب الثانوية السابقين سوءالعذاب ،فهل نبني على ما تقدم؟.
الرأي