نواب الاردن .. ونواب نيوزيلندا،،
ماهر ابو طير
03-03-2009 04:15 AM
نواب "نيوزيلندا" قرروا قبل ايام ، بسبب الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم ، وبلدهم ، الذي هو اثرى من الاردن ، ألف مرة ، ان يتوقفوا لمدة عام عن الحصول على رواتبهم ، دعما منهم لوضع بلادهم ، وحرصا على المال العام.
بالمقابل ، البرلمان الاردني ، يتحدث سرا ، عن الرغبة برفع رواتب النواب الى اربعة الاف وخمسمائة دينار ، خصوصا ، ان نصف النواب يجمعون بين رواتب تقاعدية والمكافآت ، وينفي نواب بارزون هذه المعلومة ، ونفيهم صادق ، فهم يقولون ان الامر لم يتم اقراره ، ولايقول لك احد ، اذا ماكان واجبا ، في الاصل دراسته ، وهل حرق مشاعر الناس بهذه الطريقة ، امر مناسب ، في ظل الفقر والظروف التي نواجهها ، والتي تؤشر على ان العام الحالي والمقبل ، خطرين جدا ، على وضعنا الاقتصادي.
انا اقترح تضامنا مع النواب ، ان يتبرع شعبنا ، بأولادهم ، الى مجلس النواب ، حتى يصبوا القهوة للسادة النواب ، او يعملوا في مزارعهم ، من اجل تحسين وضع بعض النواب ، واقترح ايضا ، ان يتبرع كل موظف براتب يوم ، دعما للنواب ، او يقدم الراتب كاملا ، لبعض اولئك الذين لايرون ان هناك طلبة يتسولون اللقمة في جامعة مؤتة ، بسبب ظروف اهلهم ، وبعدهم عن اماكن سكنهم ، والذين لايرون ايضا ، ان هناك مرضى تلاحقهم المستشفيات الحكومية والخاصة ، من اجل مائة دينار ، او الف من الدنانير ، والذين لايرون ايضا ، ان هناك عائلات توزع راتبها على الايجار والمواصلات والوقود والارز والسكر ، ولاتعرف طعم اللحم او الدجاج ، هذا اذا كان طعم اللحم او الدجاج مقياسا ، ولايرون ايضا ، ان الشركات بدأت بفصل الموظفين ، والاستغناء عن خدمات البعض ، ولايرون ايضا الاف الاردنيين يعودون الى عمان ، وقد يرى بعضكم ان لوحات السيارات الخليجية ، موجودة في كل مكان ، وكأننا في الصيف ، بعد ان خسر كثيرون اعمالهم ، وسيعود اخرون خلال الصيف المقبل.
كلما كتبنا حرفا ، عن مجلس النواب ، وشاهدت نائبا ، يقول لك ان مجلس النواب يتعرض الى هجمات ، ولاترد عليه الا بقولك ان المجلس هو الذي يجلب الهجمات لنفسه ، وحين ترى كيف يتباكى بعضهم ، ويقول ان التزامات النائب كبيرة ، وضغط الجماهير يجعله يستدين ، تسأله عن الذي اجبره ان يترشح ، وعن الذي اجبره ان يذهب الى مجلس النواب ، وهل المطلوب ، من المواطن الاردني ، ودافع الضرائب ، ان يدفعا ثمن "مشيخة"هذا النائب او ذاك ، ولماذا يكون مطلوبا ، من الناس ان تتحمل هذه الكلف ، التي تعجز الجبال عن حملها ، وهل كل هذا الانفاق يتناسب مع دور البرلمان الرقابي على مال الدولة ، ولماذا يكون مطلوبا من الدولة ومواطنيها ، تدليل النواب الى هذه الدرجة ، ولماذا لاتدلل قطاعات اخرى ، اكثر اهمية من النواب ، وعملهم اكثر جدوى ، على صعيد حياتنا.
رئيس مجلس النواب ، عليه ان يوقف ويمنع هذه التطلعات ، لزيادة الرواتب ، وعليه ايضا واجب الاعلان عن مبادرة وطنية للتقشف ، على صعيد امتيازات النواب ، حتى نشعر ان مجلس النواب ، يدرك الاثقال على اقتصاد البلد ، فلماذا تكون هناك امتيازات اضافية للنائب ، من تعيين مدير للمكتب ، ومن تعيين سائق ، ومن بدل سكن لنائب ، ينام اصلا ، كل ليلة في بيته ، ولماذا تتناسل الوفود البرلمانية بهذه الطريقة ، وبهذه الاعداد ، ولماذا يضغط حتى النواب على موارد الدولة بشكل او اخر ، عبر الضغط على المؤسسات والمسؤولين ، من اجل التعيين والتنفيع ، وغير ذلك ، مما يجعلنا ندعو لاجراء دراسة حول كلف المعاملات ، التي سيرها النواب ، خلال السنوات الماضية ، وعندها سنكتشف ان المبالغ فلكية ، وغير متوقعة ابدا.
ان يكون هناك نائب يعارض الحكومة ، ويتقي الله في مال البلد ، خير من نائب ، موافق دائما ، ويريد ثمن هذه الموافقة ، كل يوم ، والحكومة القادرة على التعامل مع مجلس نواب شرس ، افضل بكثير من حكومة تجد نفسها امام مجلس متطلب ، كالزوجة الثانية ، كثيرة المطالب ، وان نعود الى قواعد الاشياء ، افضل بكثير من خلق ظواهر مشوهه ، والاعتياد عليها ، الى الدرجة التي بات البعض يعتبرها هي الاساس ، وعلى هذا ننتظر من مجلس النواب موقفا جماعيا ، باتجاه اقتصاد البلد وظروف الناس ، وهذا محل اختبار للنواب ، وقد يكون مطلوبا على الاقل ان ينزل بعض النواب عن ظهورنا كمواطنين ، بالتوقف عن طلب امتيازات اضافية ، خصوصا ، ان التبرع برواتب سنة ، كنواب تلك الدولة ، امر مستحيل جدا.
..بصراحة ، هلكتونا...فاهبطوا عن ظهورنا.
m.tair@addustour.com.jo