قبل سبعة عشر عاما رزقني الله بتوأم وكانت فرحتنا بهم كبيرة وبدأت افواج المهنئين تتوافد لزيارتنا ومشاركتنا فرحتنا بولادة اجمل ولدين وكان معظم الحديث عن صعوبة تربية التوائم وما تواجهه الاسرة من لحظات صعبة وطريفة ومن اكثر المواقف التي كانت تتبادر لذهن الاصدقاء والأقارب اننا سنواجه امتحان الثانوية العامة بتأثير مضاعف
(double impact )
و ما أسرع الأيام مرت السنوات و غدا الأحد 7/1/2018 هو اول ايام امتحانات الثانوية العامة لدورة الشتوية 2017-2018 , غدا ابنائي على موعد مع المستقبل هذا المستقبل الذي تحدده ثمانية اوراق من الامتحانات.
خلال سنوات عملي الطويلة التي قضيتها بين الإعلام والتدريس الجامعي تناولت موضوع (التوتر والتوجيهي ) مئات المرات من خلال البرامج التي كنت انتجها واعدها وتحدثت كثيرا مع طلبتي عن اهمية التعامل مع المراحل المصيرية في حياتهم بعيدا عن القلق والتوتر, لكن عندما يتعلق الأمر بأبنائك يختلف الشعور وخصوصا عندما يبذل الأبناء مجهود كبير ويكون لديهم هدف محدد ورغبة بدراسة تخصص معين عندها لا يمكن أن ابعد التوتر عن نفسي بالرغم مما أظهره لأبنائي من بساطة التجربة و سهولة الامتحان.
للأسف لا يمكن أن ننكر أن مستقبل الطالب يحدد بعشر العلامة ويحرم من القبول بكلية يرغب الدراسة فيها بسبب أن بينه وبين أدنى معدل للقبول عشر العلامة هنا اعتقد أن توتر الامهات مبرر وحالة الطوارئ التي تعلنها الأسرة التي تحظى بطالب توجيهي ايضا مبررة لان الأسرة التي رصدت كل طاقاتها النفسية والمادية لتعليم أبنائها مدركة تماما لكلفة التعليم في الأردن ومدركة ايضا معنى ان لا يوفق الطالب بالحصول على مقعد للتخصص الذي سعى بكل طاقته الدراسية للحصول عليه, فعندها تصبح الخيارات اصعب اما ان يقبل الطالب بدراسة تخصص لا يرغبه او تتحمل الأسرة اعباء مالية للحصول على فرصة من خلال البرنامج الموازي او السفر للدراسة في الخارج وما يصاحب الخيار الأخير من خوف وقلق على ابناءنا في الغربة.
التوجيهي هذه الصخرة التي تتكسر عليها طموحات واحلام أبنائنا، ندرك تماما كتربويين واكاديميين أنها مرحلة مهمه لتصنيف الطلبة وانها ايضا لا تعتبر مقياسا حقيقيا لقدرات ومهارات الطالب, وبالرغم من كافة التغيرات التي احدثها وزير التربية والتعليم على نظام الثانوية العامة من الغاء فكرة الرسوب والنجاح والاستعاضة عن المعدل بالمجموع الا ان الطالب المتميز الذي يسعى لتحقيق معدل يؤهله لدخول الجامعة التي يرغب لا يزال يرضخ هو واسرته تحت نفس الضغط النفسي والدراسي السابق, فالمناهج مزدحمة بالمعلومات لدرجة ان الفصل الدراسي لم يكن كافيا لتغطية بعض المواد ولا يزال مجموع العلامات الفيصل في حصول الطالب على مقعده الجامعي.
لست ضد وجود آلية لتصنيف وتوزيع الطلبة وادرك انه لا بد من معايير للقبول الجامعي ولكني ضد هذه المناهج المزدحمة في المعلومات التي معظمها ستتكرر معهم في السنة الجامعية الأولى و ضد كل من يقول ان امتحان الثانوية العامة هو امتحان كأي امتحان وعلى الاسرة ان لا تتوتر وان تتعامل مع هذه السنة كأي سنة دراسية
نعم يا سادة كأم لطالبين في مرحلة التوجيهي اعترف واتراجع عن كل ما قلته سابقا في وسائل الاعلام ولطلبتي في الجامعة, التوجيهي سنة غير اعتيادية هي سنة تحديد المصير, ثماني اوراق من الامتحانات هي للطالب حصيلة اثني عشره عاما من الدراسة وهي للأسرة بمثابة حصاد السنين تلك السنين التي غدت مسرعة لتضعني اليوم في مواجهة بين امومتي وبين قناعاتي الأكاديمية, اتمنى ان تكون الامتحانات عادلة ومنصفة لكل مستويات الطلبة وان لا نبالغ في قياس عبقرية الطالب فالامتحان وسيلة قياس وليست وسيلة تعجيز. كونوا رحماء مع ابناءنا في قاعة الامتحان امنحوهم قليلا من الراحة ولا تعاملوهم كأسرى حرب في النهاية هم من سيقودون المسيرة لا تخلقوا منهم اعداء للعلم والمعرفة .
قلبي غدا مع كل أم وكل اسرة لديها طالب توجيهي وفي النهاية اقول استودعتكم وعلمكم وحفظكم للذي لا تضيع ودائعه.