ابتعد قليلا عن الحديث في السياسة الصرفة ، فلقد تحدثت في المقالات السابقة عنها، ومعظم حديثنا في الشأن السياسي ، وأخذت العنوان الآنف الذكر كسؤال طرح على الكثيرين منا - وسيبقى يطرح - سؤال له ابعاده السياسية احيانا والإدارية احيانا اخرى ، وشخصية في بعض الأحيان ، تمت الإجابة عن كثيرين منا بالإنابة ، وتم الاقصاء بناء على جواب قد لا يكون له علاقة بشخصية الانسان او واقعه، وإنما لغاية في نفس المجيب عن السؤال، واطمئنان السائل الى الإجابة دون التحري عنها، قد يحدث ذلك على مستوى المراكز القيادية العليا ، الوزارات مثلا يسأل الرئيس اشخاصا مقربين منه ، قد يستشيرهم ، ما رأيكم بفلان وهنا تكون الاجابات ، شخص قد يغلبّك، شخصيته لا تقبل الكسر ، صاحب رأي، متفرد، مثقف، قد لا تستطيع قيادته فسيتبدل إذن ما رأيكم بفلان ، والله جبتها - مطواع- شخصيته سهلة الانقياد ، لن تأتي من ورائه مشاكل ، نعم هكذا الجواب وانا لا اتحدث من فراغ ، وإنما اتحدث عن واقع عشناه ونعيشه ، ويمس غيرنا.
كما الحديث عن السياسة الحديث في الادارة ، ما رأيكم بفلان اذا تولى منصبا اداريا ، او رئاسة مجلس إدارة شركة الجواب ، نسكّر فيه خانة ، وهو ينفذ ما يطلب منه ، لا يعترض كثيرا على القرارات ، هو حل اشكال بين الكثيرين ممن يطمحون بهذا الموقع ، الادارة بالعلاقات ، بالمعرفة الشخصية السياسة بأصدقاء الطفولة ، المدرسة ، الجامعة ، العمل او الجيران او رد جميل في فترة ما ، المؤسسية هي الغائب في الأغلب ، والتدقيق في الاختيار لا وقت له ، خلال يومين او ثلاثة لابد ان تنتهي المهمة ، وتتم الإرضاءات والمجاملات لنكتشف بعد فترة قصيرة اننا مضطرين الى التغيير ، لان التذكر او الاعتماد على التزكية الشخصية التي لا تخلو من الهوى سلبا او ايجابا هي المحور والأساس .
وفِي السياق نفسه - يتقدم شاب لخطبة فتاة ، ومن حق الطرفين أهل الشاب وأهل الفتاة ان يسألوا - عندما لا تكون هناك معرفة سابقة ، تأتي الاجوبة احيانا متضاربة ، وأحيانا تتم التزكية دونما ضوابط ، يكتشف الأهل بعد فترة - أن الرأي الذي أعطي اليهم كان سطحيا وشكليا - وأن الواقع والعمق هو بخلاف ذلك ولكن بعد فوات الاوان .
لدينا مثل ملازم أحيانا لهذا السؤال وهو (أقعد ورآه واسال عن خاله ) - فعندما تجيب عن هذا السؤال لماذا جاء فلان او تقدم فلان - يكون الجواب مرتبطا بالإجابة من هو (الخال) وهنا لا يقصد الخال بالتحديد ، وإنما كل ما يمثله الجواب من مرتكز ونقطة اتكاء - جاءت بفلان ، نتيجة نسب أو خؤولة - او قرابة ، او مصلحة - او استمرارا لفائدة ، وهنا نسأل لماذا تتأخر لدينا الادارة ، ولا نلتزم باستراتيجيات او أهداف او خطط نسعى لتحقيقها بقدر ما نسعى لفائدة الأشخاص على حساب أشياء كثيرة .