توضأ وإغتسل .. وصلِّ صلاة مودّع فرحلتنا إنتهت
02-03-2009 02:05 AM
إغتسل .. وتوضأ ، وصل صلاة مودّع ، فما عاد في هذه الحياة فسحة للحياة ، وحان وقت رحيل الحراث عن حقله ، والأب عن أهله ، و النفس عن أخلاقها !
إغتسل ، ونظـّف يديك من تعب هذه الدنيا ، ومن غبار كل شيء لوثنا ، واجعل حياة الفقراء ، فقرا في دم السياسة ، وفقرا مدقعا في أخلاق الفاتحين بطونهم وعيونهم وأيديهم لكل شيء إلا لسماع شكواك ، وأنت تئن في الصلاة ، وشكوى الوطنيين الذين ماتوا عشقا في هذه الفلاة !
ها قد عدنا يا صديقنا الى المأزق الأول ، و عدنا لا نشعر بشيء من حولنا ، كفاقدي الوعي ، لا نملك أدنى قدرة من حولنا ، تمر علينا الأيام والشهور ويمر علينا حولنا ، لنعود من جديد ، نتزوج النساء ليلدن رجالا كي يحملوا الوطن على أكتافهم التي أكل "الحيتان " لحومها ، وأصابها الوجع ، ليتأوه صاحبها إن كان ممتشقا كبرياءا ، ويتأوه من ركع .
هاهي الديناصورات تعود إليك من جديد ، وتحيا من جديد ، لتأكل كل لسان فصيح ، وكل ذخائر الوطن .. غير عابئة بمن ضحى لأجله ، وبمن على وطنه يصيح ، أيها الفطنّ .
ها نحن نعود من جديد .. كل عام لنا موعد مع جديد .. نعود "كحمير الساقية " ندور خلف بعضنا ، لننضح ماء بئرنا ، ونسقيه لقادم طريد ، أو نزرع فيه بذورنا في حقول غيرنا ، لنصنع سيدا من حديد ، ونجلس عند قدميه كالعبيد ..
لهذا يا صديق ، يا غريقا يحول عبثا إنقاذ غريق ، أصابتني قشعريرة وطنية ، وحمى داخلية ، ودوار شديد ، ولم يعد لي شهية في أن أكتب من جديد ، عن أي وطن أو قضية ، فالوطن مصاب بالفالج ، وحتى يتعافى أو أتعافى سأكتب عن الوطن الذي أريد .
يا ديرة من مدن يا مدينة من عذاب يا امرأة من تراب يا ترابا من غضب .. وياسيدا من أحلام ، يا هواجس لا تموت يا موتا صافح المساكين من شعب بريء هده التعب ، عاتبون كالنورس العائد الى شاطىء الغضب .
يا ديرتي ، يا حبيبة ً، يا غريبة عدتِ غريبة كأول عهد لك في الوجود ، رسمت ِ جسدك الممشوق بين الحدود .. يا بريئة أقام عليك أبناؤك الحد في زمن زنى الزناة بكل المواثيق وهتكوا عرض الحدود .
ما الذي أصاب قدك ؟ أصبح كنخلة منقعرة العجز لا تلقح ولا تتعثكل في قنوك عناقيد البلح ..
أهذا جزاءك يا ديرتي .. أهذا جزاء كل محسن كريم أهذا هو زمن الردة ؟ .. من أين نأتي بنخلة لا تهزها ريح ولا يتسلقها لص ولا تموت ، حينما تلد الأرض أشجار الشوك ، ويحاكم العاشق أذا ما هزه الشوق أو قال شيخنا "الله أكبر" !
يا ديرتي يا امرأة تناوبك عشرات الفاحشين ، كل موطر يترك فيك مكانا لوطر ، عيناك بحر من أسئلة ليس لأبسطها جواب .. فمك مجالس لكل طارق وجالس ، لكل نمام وهامس فيها مئات من فرسان الكلام ، اولم نجد يوم الوغى بينهم فارس هُمام .
كلهم عرب ولكن من بلاد فارس .. كلهم موحدون وليس بينهم من ساجد أو راكع ، جنرالات سهرات ، وحين الوقيعة يسجل في دفتر ضيوف الشرف كلمة شرف ليس لها محل من شرف يختمها بتوقيع تحت اسم خانع !
أقسى ما في حياتك ياوطني أن يصاب " ثديك " بالسرطان ، فيستأصلونه بأسنانهم ، و يدخلون من خلال شريانه ، يسبحون في نهر دماءه ، عكس التيار ، مع التيار ، فوق التيار ، تحت التيار ، في الليل ، في النهار ، حتى يلقون القبض على قلبك ، فيا حسرة على قلبك الذي أحب غيرنا بعدما أكل خيرنا !
حينها سيضيّع الأباطرة طريق شفاههم نحوك ،فلم يعد هناك من ضرع يرضعونه ، إلا نخاع من لا يملكون لحما على عظامهم ، فبفضل العرابين ، لم يجدوا بُداً من أن يأكلوا لحوم أكتافهم فداءا لمن .. "للوطن" .. ما شاء الله عليك ياوطن !
بَناك رجال من تاريخ وعزائم ، وأضاعوك أبناؤك على شرف الولائم والعزائم، وتركوك وادٍ موحش ، بناءً على رغبات الديناصورات المحنطة ، لا هي ميتة فنستريح ، ولا هي حيةالعطاء فتستريح وتريح ..
يا فطناً ، إغسل يديك جيدا من هذا الماء قبل أن يصدأ الماء ، وتميد الأرض بنا ، فقد ضاقت بنا الوسيعة برحبها .. أفكلما راهنا على حصان إنزلق في أول الميدان .
يا املنا لا تسأل الى متى تبقى هذه الديناصورات منتصبة ، ويكشف عنها غطاء النسيان كلما مر وقت من الزمان ..!
بل اسأل : .. متى ينصفوك أيها الوطن .. وهل سنعيش " حاشى لله " حتى نرى اليوم الذي لا تمطر فيه السماء ، إلا بقرار من مجلس الوزراء .. ما شاء الله عليك يا وطن .
Royal430@hotmail.com