نلاحظ أن ثورة العملات الرقمية لاقت رواجاً و إقبالاً كبيراً في الدول العربية و الدول النامية لرغبة الشباب العاطل عن العمل بتحقيق مكاسب عالية دون عناء و الوصول إلى الثراء الفاحش كهروب من الواقع.
إذا ما استخدمنا البيتكوين كمثال على العملات الرقمية هنالك فرق كبير بين العقود الآجلة و المضاربة على البيتكوين و بين حمل هذه السلعة لغايات الربح الرأسمالي. و للتوضيح أكثر إن في حال العقود الآجلة أو التعاملات لغايات المضاربة في منصات سوق شيكاغو على سبيل المثال يستطيع المتعاملين أن يحققوا أرباحاً من انخفاض أسعار البتكوين إذا كان الأمر المقدم ببيع تلك السلعة, ما أود توضيحه هنا أن دخول البيتكوين لسوق المضاربات يجعل من الأسعار بيد صناع السوق و توجهاتهم ؛ لقدرتهم على البقاء و الديمومة و التأثير على العرض و الطلب لتسعير تلك الأصول و بذلك فإن خسارة صغار المتعاملين حتمية و نستطيع أن نلاحظ ذلك من خلال المتعاملين في سوق العملات الأجنبية و الذين يتعرضون لوعكات قد تخرجهم من السوق في أغلب الأحيان.
و للانتقال إلى صلب الموضوع و للاستفادة من تلك التكنولوجيا و قضايا ما يعرف بالتعدين, فإن دور الشباب الأردني المتعلم و دور الدولة التي تصل صادراتها الخدمية من قطاع تكنولوجيا المعلومات المليار دينار سنوياً أن توجه الشباب الأردني للدور الذي يليق بهم لمؤسسة عمليات التعدين و الاستفادة من قدرات الشباب الأردني و تحقيق مكاسب طويلة الأجل, ولدينا الكثير من قصص النجاحات في قطاع تكنولوجيا المعلومات كان روادها الشباب الأردني الطموح.
ومن هنا أدعو أم الجامعات الأردنية و جامعة العلوم و التكنولوجيا و التي قريباً ستحصل على 25 ميجا وات من الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية أن تدخل قطاع التعدين التكنولوجي من خلال تعليم الطلبة و ترسيخ مفاهيم هذا الاستثمار بين تطبيق عملي و نظري, ومن ثم تحويل هذا الاستثمار الأكاديمي التنموي إلى استثمار اقتصادي ذو مردود يساعد الجامعات على تنويع مصادر دخلها.
و أتقدم أيضاً لوزير الأوقاف للنظر في هذا الموضوع لتركيب أجهزة نستطيع من خلالها الوصول إلى ما يسمى بالتعدين في المساجد و خاصة التي تعتمد على الطاقة الشمسية لتوليد احتياجاتها, و أن تذهب جزء من عوائد هذا الاستثمار الوقفي إلى خدمة المساجد و الاعتماد على الذات لتمويل عمليات وزارة الأوقاف.
و أعود هنا إلى موضوع المقال, إذا أردت الاستثمار في مثل تلك العملات يجب عليك الاهتمام بعدد المعروض من العملة الرقمية و أن لا يتجاوز عدد المعروض منها الملايين مثل البيتكوين, والتي لا يتجاوز عددها أكثر من 21 مليون حبة و أن المعروض في السوق لا يتجاوز ال 16 مليون حبة, لذلك تجد أسعارها ترتفع بطريقة كبيرة لشح المعروض منها, كما و أرجو الابتعاد عن العملات التي يتجاوز عدد المعروض منها المليارات.
شخصياً, لا أجد غير الذهب في الوقت الراهن كملاذ استثماري حافظ للقيمة بعد أن تراجعت حصة الدولار في الاحتياطي الأجنبي العالمي للفصل الثالث على التوالي حسب بيانات صندوق النقد الدولي أمام الارتفاع لليورو و اليوان الصيني، و هذا ما يجعل جُل المتعاملين على المدى القصير و المتوسط يتجه صوب الملاذات الأمنه الأخرى و من أهمها الذهب و حتى العملات الرقمية. و لمزيدٍ من التوضيح ، إن منطقة الدولار سوف تستفيد من هذا الخبر لانخفاض الدولار و زيادة تنافسيته مقارنة بالعملات الأخرى و الذي أتوقع تباطؤ للنمو بسببه في منطقة اليورو في النصف الثاني من العام 2018.
ما أود الإشارة إليه أن الرئيس ترامب يفكر بربط الدولار بمقدار معين من الذهب حتى يسترجع بريقه كملاذ آمن و احتياطي مرجعي رغم الممانعة من صاحب السياسة النقدية في الولايات المتحدة. ومع ذلك فإن صغار الكسبة أمثالنا يجب أن يتحوطوا مرة أخرى بالذهب، فإذا انخفض الدولار يرتفع المعدن الأصفر، و إذا ارتبط الدولار بالذهب لشح المادة الخام سترتفع أسعار الذهب حتى ١٠ ألاف دولار للأونصة، وهنا أرفع القبعات للبنك المركزي الأردني الذي رفع مؤخراً حجم احتياطاته من الذهب إلى ١.٨١ مليار خلال الشهري.
الدكتور محمد خطايبة- الجامعة الاردنية