سارعت غواتيمالا إلى نقل سفارتها إلى القدس الشرقية على غرار خطوة ترامب المشؤومة ، ويبدو أن هذه الجمهورية التي تدخل ضمن جغرافية « جمهوريات الموز» والتي ترتبط بمصالح اقتصادية كبرى مع الولايات المتحدة أرادت الاستفادة من مناخ العزلة الذي تعيشه واشنطن في موضوع هذا القرار ، وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية من وراء ذلك.
غواتيمالا دولة فقيرة تتلقى مساعدات اقتصادية أميركية وصلت إلى 300 مليون دولار أميركي عام 2016 وهي تطمح في زيادتها ، كما أنها تطمح في زيادة التعاون العسكري مع أميركا وإسرائيل ، وهي البلد الذي يعاني أزمات اقتصادية بنيوية ومستمرة منذ أكثر من خمسة عقود ، وبات الاقتصاد الرسمي للدولة يعتمد على المساعدات الأميركية بعد أن اختطفت المافيات المتعددة اقتصاد تلك الجمهورية.
ليس مهما فهم أو تفهم دوافع غواتيمالا في الذهاب بعيدا في تحدى العالم العربي والإسلامي والدول الأوروبية وحتى تلك الدول في أميركا اللاتينية التي من المفترض أن تسعى غواتيمالا الى زيادة أواصر العلاقات معها من اجل تقوية اقتصادها والتغلب على مشاكلها البنيوية مثل الفساد والمافيات من تجارة المخدرات الى تجارة الجنس الى الاتجار بالبشر وبأعضائهم ، ولكن المهم هو كيف يجب أن نتعامل مع دولة « مارقة وفاسدة « مثل غواتيمالا تدير ظهرها للشرعية الدولية ؟؟
لقد مضى على قرار غواتيمالا أكثر من أسبوع ولم نر من الدول العربية والإسلامية أي رد فعل يمكن أن يلجم أية دولة أخرى تفكر في اتخاذ خطوة مماثلة ، واقصد هنا طرد سفراء هذه الدولة في الدول العربية التي لها تمثيل دبلوماسي على مستوى السفراء وبالتالي إغلاق تلك السفارات ، أو إغلاق القنصليات إن وجدت ، أما ما هو أهم فيتمثل في تبنى الجامعة العربية لحملة دبلوماسية منظمة ضد غواتيمالا في أميركا اللاتينية لمعاقبتها حيث تحتفظ الكثير من الدول العربية بعلاقات مهمة مع عدد ليس بقليل مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي.
إن من ابرز مخاطر قرار غواتيمالا انه يمثل تحديا آخر لقرار الشرعية الدولية بنقل سفارة الاحتلال إلى القدس المحتلة ، وان هذا القرار إن مضى في طريقه دون اتخاذ إجراءات دبلوماسية أو عقوبات اقتصادية سيفتح الطريق على « الواسع وعلى جانبيه « لدول كثيرة على شاكلة غواتيمالا تجد في الظرف السياسي لواشنطن ولإسرائيل فرصتها التي لا تعوض ، ومن المؤسف انه إلى اليوم لم يتم الإعلان عن أي إجراء ضد غواتيمالا.
إن المقترح الذي سيصوت عليه مركز حزب الليكود قريبا والداعي إلى فرض ما يسمى بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والقطاع يعني وبكل بساطة إعادة احتلال الضفة الغربية وغزة قانونيا وعسكريا بعد أن تحلل من ذلك بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 2003 ، والغريب أن حزب الليكود يبادر لمثل هذه الخطوة في الوقت الذي يعلم فيه أن السلطة الفلسطينية من الممكن أن تبادر إلى إلغاء اتفاقيات أوسلو.
والسؤال لماذا يفكر الليكود باتخاذ مثل هذا القرار ؟
الجواب: انه يريد إضعاف السلطة الفلسطينية إلى ابعد الحدود أمام الشعب الفلسطيني ، وهو يدرك أن السلطة كان عليها أن تتخذ في اليوم التالي لقرار ترامب قرارا بنفس « البهرجة « الإعلامية والسياسية للاحتفال بإلغاء أوسلو كرد على قرار نقل واشنطن سفارتها إلى القدس الشرقية ، أما الدافع الآخر لليكود فيتمثل في رفع أي غطاء قانوني عن رجالات السلطة وامتيازاتهم السياسية والأمنية واللوجستية التي حصلوا عليها بموجب اتفاقيات أوسلو ، وهي رسالة بدأت تتفاعل داخل قيادة السلطة من خلال السؤال التالي: هل من الضروري أن ننتحر لكي نرد على قرار ترمب ؟؟
الجواب برسم الوزير حسين الشيخ !!
Rajatalab5@gmail.com
الرأي