بحاجة الى تربية إعلامية!!
سليمان الطعاني
31-12-2017 10:40 AM
لا شك أن مصطلح السلطة الرابعة Fourth Estate الذي أطلق على وسائل الإعلام عموماً وعلى الصحافة بشكل خاص، قد أثبت صدق نبوءته مع التطور التكنولوجي الحديث، والتكنولوجيا بطبيعتها لا تحمل قدراً من الخير أو الشر، وإنما البشر هم الذين يبثون فيها الحياة باستخدامهم لها، يضيفون عليها خصائص معنوية وأخلاقية أو ينفثون فيها سمومهم لتنتشر معها الأوبئة الاجتماعية والفساد.
لا ندري بأي حق تقوم بعض المواقع الاليكترونية بالتعدي على سمعة الأشخاص والمؤسسات التعليمية والاجتماعية والخدمية الوطنية، وتشوه الحقائق وترسم الكاريكاتيرات الساخرة بحقهم، وبأي قانون تقوم بتلفيق التهم ونشر الأخبار عن هذه المؤسسة أو تلك بطريقة سمجة غير مسئولة أو آبهة بردود الفعل أو التأثير النفسي والمعنوي الذي يلحق هذا الشخص أو تلك المؤسسة أو الجهة التي يدركها أذى هذه المواقع.
ولا ندري من خولهم بأن يكونوا رسل سلام مزيفين أو دعاة مضللين أو أن يكونوا حماة للحقوق التي يدعون، وللوطنية التي يتغنون أو ....،
لعله الفلتان، لا يرقى أن نسميه إعلاميا، فلتان وجنون الحمقى والمتطفلين الذين يعتاشون على الآم الغير، وهم يلوكون لحومهم ويرمون بأعراضهم دون أدنى حس من المسؤولية الاجتماعية التي أولاها المجتمع لأبنائه.
المواقع الاليكترونية المقصودة بالخطاب بحاجة إلى تربية إعلامية يكون معها القائم عليها واعياً وقادراً على انتقاء ما يقدم انتقاءً استراتيجيًا، وتحليله وتبيان ما هو مفيد وما هو ضار، ما هو مغشوش أو مشوش، ما هو حقيقي وما هو ملفق، ما هو منطقي وما هو متناقض مع المنطق، ما هو مكتمل وما هو منقوص .. تربية إعلامية تهدف
إلى حماية المجتمع من المخاطر المحتملة لهذه المواقع، فالمجتمع لم يعد يحتمل جلداً أو ضربا بالسهام.
إن حماية المجتمع من التضليل الإعلامي والتلاعب بالعقول، وتمكين الجميع من التعامل مع المواقع هذه بمهارة ومهنية، أصبح ضرورة وواجب كل من ينتمي إلى هذا الثرى الطيب وكل من يتنسم عبير وشذى ترابه، وتمكينهم من فهم أكثر للثقافة الإعلامية التي تحيط بهم، وحسن الانتقاء والاختيار منها، وتعلم كيفية التعامل معها، والمشاركة فيها، بصورة فعالة ومؤثرة سيما وأن الإعلام أصبح قوة تبني واقعًا.
نعم، هذه المواقع بحاجة إلى تربية إعلامية يصل من خلالها الأفراد إلى المهارات والخبرات التي يحتاجونها لفهم الكيفية التي يشكل معها الإعلام إدراكهم وتهيئتهم للمشاركة كصانعي إعلام ومشاركين في بناء مجتمعاتهم ضمن أخلاقيات وضوابط حرية الكلمة، وتعليم جيل المستقبل وإفهامه ثقافة الإعلام الرقمي الجديد، وأسس القراءة النقدية للوسيلة بدلا من تركهم نهباً لوسائل ومواقع إعلامية قاصرة أو ذات مهنية ضعيفة هدفها الإيقاع بالمواطن وابتزازه والإساءة له وهي تدعي في الوقت نفسه أنها تمتلك ناصية الإعلام وتقدم نفسها على أنها راعية الفكر وحاملة لواء الإصلاح. أتاح عصر الانترنت لكل الشعب الأردني أن يصبحوا ناشطين ومنظرين بكل شيء وفي كل الأوقات !! ناشطين في السياسية والاقتصاد والحكومات واستقالاتها والتعيينات، وناشطين بحقوق الإنسان وقضايا الفقر والبطالة ... والتعليم وقضايا المرأة والطفل والحيوان والمياه.
أصبحت هذه المواقع ساحة مستباحة للأفاكين ومروجي أنفسهم، انه الفلتان الإعلامي الذي ظهر فيه الرويبضة. لكننا لسنا على استعداد للتضحية بقيمنا الأخلاقية النبيلة، على مذبح الحرية الشخصية والإعلام الحر! والترويج لأخبار بعيدة كل البعد عن قيم مجتمعنا وتقاليده، مجتمعنا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى توكيد اللُحمة بين أبنائه وحمايته عن طريق إعلام جاد مسئول يحترم رموز الوطن وبناته، ويقدر الانجاز ويعظمه، ويأخذ بيد المبدع، ويعلي من شأن الدولة وهيبتها ويعالج الخطأ بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادل بالتي هي أحسن!!