نهايات الأعوام وبدايات الأعوام تغدو مناسبات سمجــــة حــــــين نحاول ملأها بمعانٍ ليست فيها. معانٍ ليست في البدايات والنهايات الروزناميّة بذاتها.
والحال أنّ ما من جديد في هذا الزحف المتواصل إلى الانحطاط. حصاد الثورات المضادّة يتوالى. التفسّخ الدينيّ والمذهبيّ يتعاظم. الاحتلالات الخارجيّة تتكاثر.
شيء واحد يومض في هذا الليل الطويل. شيء بسيط ومتواضع وقد لا يفضي إلى تحوّل ملموس، إلاّ أنّه يذكّرنا ببعض الاحتمالات وبإمكان الاحتمالات.
إنّه تظاهرات مدينة مشهد الإيرانيّة. التظاهرات لا تزال بالمئات. سببها المباشر مطلبيّ واقتصاديّ. هتافاتها تفتح على السياسيّ عبر دعواتٍ وهتافات لإسقاط السلطة ورموزها. عبر دعواتٍ إلى الانسحاب من سوريّة ومن منطقتنا إلى الداخل الإيرانيّ.
صحيح أنّ أيّ تحرّك إيرانيّ من هذا النوع ممهور بالتعب الناجم عن قمع «الثورة الخضراء» في 2009. لكنّ الصحيح أيضاً أنّ ما لم يطرأ حدث كبير في إيران فإنّ شيئاً لن يتغيّر عندنا. الوضع العربيّ الذي يئنّ تحت وطأة الثورات المضادّة والهزائم والتفتّت من كلّ صنف لا يملك ما يقدّمه. في إيران، وعلى رغم نظامها، هناك شيء من التعافي في مجتمعها. في شبيبتها. في بعض تعبيراتها عن وطنيّة أخرى، وطنيّةٍ تكون صنو التنمية، لا صنو الحروب والتوسّع الإمبراطوريّ. وطنيّةٍ تنفتح على العالم ولا تنغلق عليه.
ومنطقتنا بحاجة ماسّة إلى إيران أخرى. إلى إيران الأخرى. تلك التي تملك إمكانات واعدة لا نملكها. تلك التي تستطيع أن تباشر طيّ صفحة التديّن السياسيّ والتمذهب السياسيّ في المنطقة.
فهل يبدأ من مدينة مشهد خروج إيران من عباءة مرشدها؟ هل يبدأ من هناك الخروج من الإرشاد وفكرة المرشِدين؟
إنّها «هل» كبيرة، وجوابها «ربّما» أكبر. لكنْ من دون ذلك، ستكون 2018 تتمّة لـ2017. تتمّة لدمها وبشاعاتها وكلامها المنتفخ والكاذب.
الحياة اللندنية