التحديات التي تواجه عملية ترتيب الجامعات…
أ.د. نادرة صويص أ.د. محمود الكوفحي
30-12-2017 11:22 AM
تستخدم أنظمة مختلفة كل عام في تصنيف أفضل الجامعات في العالم، كنظام تصنيف الجامعات في العالم الذي تصدره مؤسسة تايمز للتعليم العالي Times Higher Education، ونظام مؤسسة الترتيب الاكاديمي للجامعات العالمية من جامعة شنغهاي Shanghai University، ونظام تصنيف كيو إس QS Rankings الذي تصدره مؤسسة توب يونيفرسيتيز Top Universities، وتصنيف مؤسسة أخبار الولايات المتحدة وتقريرها العالمي U.S. News & World Report Rankings، وتتسبب هذه التصنيفات في الكثير من الإجهاد والضغط النفسي على أعضاء هيئة التدريس وعلى الجامعات وهي تتنافس فيما بينها للحصول على المواقع المتقدمة في سلم التصنيفات كل عام، كما يهتم بها الطلبة في سعيهم لمواصلة دراستهم العليا وحرصهم على الالتحاق بأفضل الجامعات في تخصصاتهم. وفي معظم الأحيان، لا يوجد في نتائج الترتيب الكلية مفاجآت كبيرة، حيث تتبوأ الجامعات الأمريكية المعروفة المواقع المتقدمة في الترتيب وفي مجموع النقاط التي تحصل عليها.
لا شك في أن تصنيفات الجامعات له اهميته وتأثيره على مرحلة التعليم العالي الدولي، ومع ذلك، ينبغي ألا تستخدم هذه التصنيفات وحدها للتقييم، فقد لا تكون الجامعات التي في اعلى قائمة التصنيف الأعلى في كل جانب، فمثلا في حين أن جامعة معينة قد تكون ذات رتبة أعلى، إلا أنها قد لا تكون أفضل مكان لعلاج سرطان الثدي، أو تعليم الرياضيات أو الفيزياء الخ... كما أن هذا لا يعني أنه يمكن أن نفاجأ من جامعة منخفضة نسبيا في الترتيب ولكنها أنتجت أفضل الأوراق والبحوث العلمية في مجالات محددة. وينطبق الأمر نفسه على الجامعات الأقل شهرة التي لا تملك ميزانية كبيرة لترويج نفسها، أو عدم استيفائها لجميع المعايير التي يمكن أن ترفع من ترتيبها في سلم التصنيفات الدولية. فربما أن الجامعة ليست الأفضل في كل شيء، ولكنها يمكن أن تكون الأفضل في بعض الأشياء. وهذا مهم للطالب الذي يبحث عن افضل مكان يواصل فيه دراسته العليا في موضوع محدد، حيث يكون قد وجد جامعة بخمسة نجوم في الموضوع الذي يهمه، ولنتذكر أن زواج خمسة نجوم في نظر المجتمع قد لا يكون بخمسة نجوم على أرض الواقع، لذلك فإن نجاح العملية الأكاديمية يتوقف على عثور الطالب على الجامعة المثالية بالنسبة للتخصص الذي يرغب به بغض النظر عن ترتيبها في سلم التصنيفات، ولذلك يجب أن لانهمل الجامعات ذات التصنيفات المتدنية في سلم التصنيفات.
من هنا فإن تبني عملية التصنيف المطبقة في أماكن أخرى في العالم، وتطبيقها على جامعاتنا الأردنية قد يكون أمرا محفوفا بالمخاطر، ليس فقط أننا قد نكون نقارن تفاحا مع برتقال، ولكننا نستخدم نظاما لم يتم التحقق من صحته وملاءمته لجامعاتنا، نظاما لم يتم فحصه من مختلف الجوانب للتأكد من دقة المقاييس ودقة النتائج. وهناك بعض العوامل الهامة التي لا يمكن قياسها والتي يمكن أن تكون حاسمة لعملية التقييم، فهل تفضل الدراسة في جامعة شهيرة من فئة 5 نجوم لتكتشف أنك لم تحصل على التعليم المطلوب، فقد تتفوق الجامعة في الدراسات التجارية، ولكن قد تكون غير متفوقة عندما يتعلق الأمر بالعلوم الاجتماعية مثلا، أو ربما تعليمهم عظيم، ولكنه يفتقر إلى الجوانب العملية. ولنتذكر أن التصنيف الجامعي ليس الطريقة الوحيدة لتقييم الجامعات وترتيبها، فهناك عنصر المخرجات ومستوى الخريجين وانجازاتهم في الحياة العملية التي تعطي وزنا أكبر للجامعات والبرامج التي تخرجوا منها...
ختاما، يجب أن نتذكر دائما أن الغاية من اي نظام لتصنيف الجامعات هو دفع الجامعات لتحسن أداءها وزيادة جودة البرامج الاكاديمية التي تطرحها، وأن أي نظام تصنيف يجب أن يكون مدروسا بدقة من جميع الجوانب بحيث لا يكون له آثار سلبية على الجامعات التي ليست في المقدمة... وإذا تفحصنا نظام STARS الذي طبق في الاردن واعلنت نتائجه للعام الحالي مؤخرا، فإننا نجد أنه ترك آثارا سلبية كبيرة على العديد من جامعاتنا الوطنية فيما يتعلق بقدرتها على جذب الطلبة الأجانب للالتحاق بها، فمن المؤكد أن الطالب غير الأردني سيعيد التفكير قبل أن يقرر الالتحاق بجامعة اردنية من فئة النجمة او النجمتين او حتى الثلاثة نجوم، مع أن هذه الجامعات فيها برامج متميزة ويدرس فيها عشرات الآلاف من الطلبة العرب والاجانب حاليا، أما الطلبة الاردنيين فقد لا يتأثرون كثيرا بنتائج نظام ستارز هذا لان التحاقهم بالجامعات الوطنية يستند الى نتائج القبول الموحد... من هنا، فإننا بتبني نظام ستارز نكون قد الحقنا الضرر الكبير في عدد من جامعاتنا الاردنية دون ان يكون هناك مبررات وفوائد تستحق الذكر... ويعتقد الكاتبان هنا أن نظام ستارز لا يصلح لتصنيف الجامعات في وطننا وأننا بحاجة إلى استحداث نظام تصنيف أكثر موضوعية ولا يصنف الجامعات بالنجوم على النحو الذي تصنف فيه الفنادق والخدمات... فالجامعات لها مهامها واهدافها المختلفة تماما عن الفنادق والخدمات، وسيتطرق الكاتبان الى هذا الموضوع في مقال قادم بإذن الله...
أ.د. نادرة صويص- جامعة الينوي - شيكاغو وأ.د. محمود الكوفحي – جامعة بيكر- كنساس