«الرئيس» في لقاء «الخميس»
ماهر ابو طير
28-02-2009 11:10 AM
على عهدة الراوي ان رئيس الحكومة ، قال لثلة من الكتاب السياسيين ، ان الاردن مجبر على الاصلاح ، كون الادارة الامريكية ، اليوم ، بيد الحزب الديموقراطي ، مما يوجب على الاردن ، تسريع اجراءات الاصلاح السياسي.
"لقاء الخميس" سبقته تصريحات حكومية ، حول قوانين الاصلاح السياسي ، وضرورة انجازها ، وهذه التصريحات ، طابقت مسبقا ، ما قاله رئيس الحكومة ان صحت الرواية ، وفي الحالتين ، فان الامر يبدو مؤسفا للغاية ، ان يتم الاعلان صراحة ، عن ان الاصلاح السياسي ، يرتبط في عمان ، بمن يفوز في واشنطن ، وبهذه الحالة تكون وصفة الاصلاح ، غير اردنية ، من جهة ، وتكون ايضا ، استجابة لرغبات الاخرين ، في واشنطن ، الذين بالتأكيد سيتدخلون ، في شرق المتوسط ، حتى من اجل برقية يرسلها حزبي او صحفي او سياسي ، تعرض الى اي نوع من المس ، وبأي طريقة كانت.
الادارة الديموقراطية ، لها تاريخ معروف ، في العالم ، بوجود شبكة معلومات لديها ، سياسية ودبلوماسية وامنية ، وعبر شبكات مؤسسات خاصة ، ومنظمات الدفاع عن الحريات ، وهذه الشبكة تغذي الادارة ، بأي مخالفة او اضطهاد ، على اساس ديني او سياسي او عرقي ، وتتلقف اليوم مئات المنظمات عبر الايميلات ، اي شكوى تصل ، وتصل تداعيات ذلك حتى الى الكونغرس الامريكي ، والديموقراطيون في هذه الحالة ، لن يوفروا اي خطأ ، او خطيئة ، في العالم الثالث ، الا وسوف يتم استثمارها ، ضد كثير من الدول ، وربطها ، حتى بالمساعدات ، وقصص كثيرة اخرى.
على هذا الاساس ، نفهم تحسس الاردن ، وفهمه لطبيعة الادارة الامريكية ، غير ان المفاجئ ، ان نعلن ذلك صراحة ، وان نعلن ايضا ، اننا لا نميل الى الاصلاح السياسي ، الا بناء على الظروف والمتغيرات ، وهذا يعني بشكل اخر ، انه لو فاز مرشح الحزب الجمهوري ، في الانتخابات الامريكية ، لما سمعنا عن الاصلاح مجددا ، ولما سمعنا نظرية اذابة الجليد عن قوانين الاصلاح السياسي ، التي بشرتنا بها الحكومة ، في بداية عهدها بعد التعديل الوزاري ، ومن المؤسف حقا ، ان لا نصل الى مرحلة يكون فيها الاصلاح السياسي ، قرارا اردنيا معزولا ، عن كل التطورات الاخرى اقليميا ودوليا ، وان تبقى ورقة الاصلاح ، ورقة قابلة للطي ، كلما اتيحت الفرصة ، وقابلة للكوي ، كلما اتيحت فرصة اخرى.
اتفهم دوافع الرئيس ، وافهم ان الدنيا متغيرة ، وان الاردن يدير مصالحه ، وفقا لاي تغيرات ، وهذا دليل مرونة ، لكن وجه الاعتراض ، هو استمرارنا منذ عام 1989 ، ونحن ندور حول انفسنا ، في ادارة ملفات كثيرة ، ولم نحسم امرنا منها ، بل انها تتعرض الى تقلبات لا تحتملها طائرات الاف 16 وهي تتقلب في الجو ، في مناورة ، وهي تقلبات خطيرة ، مؤذية ، وتدل على عدم الثبات ، وعدم الاستقرار ، في كثير من التوجهات ، ونريد اليوم ، ان تخرج الدولة ، بوصفات علاج محلية لكثير من الملفات ، دون ربطها ، بأي تغيرات اقليمية او دولية ، اذ ليس من المستحيل ان نحدد ماذا نريد ، بمنطق المعقول والمتوسط ، وليس منطق المتأثر ، مما يجري هنا او هناك.
صراحة الرئيس ، نشكره عليها ، ونقدر له ، ايضا ، انفتاحه على الكتاب ، فهذا امر حيوي ، غاب خلال الفترة الماضية ، ولانريد ان نحرم الرئيس من صراحته وقدرته على المكاشفة ، خوفا من سوء التفسير ، الا ان هذا الكلام يبقى مناسبة للاسقاط على كامل ملف الاصلاح السياسي ، طوال العقدين الماضيين ، وقد جلست الى وزراء تنمية سياسية ، في بعض المراحل ، وقالوا لي ان الاصلاح السياسي ، مجرد عنوان ، وانهم لا يستطيعون عقد ندوة ، احيانا ، حتى ان وزيرا سابقا ، ترك التنمية السياسية في الاردن ، وسافر الى جالية اردنية في الخارج ، تكد وتتعب وتشقى ، من اجل تبشيرها بالاصلاح السياسي ، في مجتمعات عمالة ، لا تعرف سوى جمع الدنانير ، ولا اهتمام لها بقانون الانتخابات او قانون الاحزاب ، وهو هروب يعكس مدى شعور بعض من تسلموا هذا الموقع ، بأنهم مجرد عناوين براقة ، لاتفعل شيئا ، سوى جدولة الحديث عن الاصلاح السياسي ، على اساس الهروب الى الامام.
مربط الفرس ، اننا نريد حياة سياسية ، واصلاحا سياسيا ، ثابتا ، وحيويا ، بناء على وصفة اردنية ، ربما تسبق اي وصفات اخرى ، وليس بالضرورة ان تقل عنها ، ونريد وصفة قابلة للاستمرار ، تكون سببا في الاجماع ، وفي حصول الناس على ضمانات حقيقية بشأن حرياتهم السياسية والفكرية وغير ذلك من حريات.
دولة الرئيس ، لا نريدك ان تندم ، على لقاء الخميس ، غير اننا لا نريد ايضا ان نندم اننا صدقنا طول عمرنا ، ان الاصلاح السياسي قادم على الطريق.
m.tair@addustour.com.jo