تعددت الروايات وتنوعت بشأن المثل العربي القديم «وافق شن طبقة». فالأصمعي يقول إن شن كان وعاء تشنن فعمل له صاحبه طبقاً يطابقه فقالوا وافق شن طبقة. وروى ابن الكلبي رواية أخرى مفادها أن طبقة كانت قبيلة من الأشرار حاد بها شن بن أفصى فانتصف منها. فقالوا وافق شن طبقة. أما الحكاية الأكثر رواجاً وقبولاً وأدباً فهي التي رواها ابن القطامي الذي ذكر أن رجلاً من حكماء العرب وعقلائهم عرفوه باسم شن. عقد العزم على الزواج ولكنه قرر ألا يتزوج إلا بامرأة توازيه في رجاحة عقله. فمشى يبحث عمن كانت على مثل ذلك من الصفات. فصادف رجلاً سائراً في طريقه بنفس الاتجاه فزامله وصاحبه. وفي مسيرتهما سأله شن: أتحملني أم أحملك؟ فأجابه رفيق السفر قائلاً: «أنا راكب وأنت راكب، فكيف أحملك أو تحملني أنت؟».
لم يجبه شن وسكت عنه. ولكنه واصل السير معه. وإذا بهما يمران بحقل فيه زرع. فعاد شن وسأل صاحبه: «أترى هذا الزرع قد أكله صاحبه أم لا؟» فأجابه الرجل «أيا جاهل، ترى زرعاً مستحصداً فتقول وتسأل: أكله صاحبه أم لا؟» لم يجبه شن وسكت عنه.
وأخيراً مرا بقرية وصادفتهما جنازة. فتساءل شن: «أترى صاحب هذا النعش حياً أو ميتاً؟» فقال له رفيق السفر: ما رأيت أحداً أكثر جهلاً منك. ترى جنازة فتسأل عنها أمات صاحبها أم ما زال حياً! وعاد شن ولزم الصمت عنه. وأخيراً وصلا نهاية سفرهما فحاول شن أن يستأذن بالانصراف والمفارقة. بيد أن الرجل أصر عليه أن يواصل صحبته ويستضيفه في بيته. فشكره ومضى معه.
حدث أن كان للرجل بنت سماها باسم طبقة. سألته عن ضيفه فشكا إليها كثرة جهله وذكر لها ما دار بينه وبين رفيقه. فقالت: «يا أبتي، ما هذا الرجل بجاهل، فقوله أتحملني أم أحملك أراد به أن تحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا بالحكايات. وأما قوله أترى هذا الزرع قد أكل أم لا أراد به هل باعه صاحبه فأكل ثمنه أم لا. وأما قوله في الجنازة فقد أراد به أن يعلم هل ترك الميت عقباً يحيا بذكرهم له أم لا؟
فخرج والدها إلى شن ونقل له ما قالته ابنته فأدرك الرجل رجاحة عقلها فخطبها إليه وتزوج بها. فلما سمع أهله بالخبر قالوا وافق شن طبقة وذهب مثلاً يقال عند توافق شيئين أو شخصين. ويقابله في العامية قولنا في العراق «طنجرة ولقت غطاها!» ومثله يقال في المملكة العربية السعودية «سارب وسرسوب، وأم الحسن ورقبة». ويقال هذا المثل على الأكثر بمدلول سلبي واحتقار.الشرق الأوسط