حتى الآن لا أدلة على أن الرئيس السوري، يضع خطة للعام المقبل، بشأن السوريين، سواء على صعيد مايمكن اعتباره عفوا عن كل السورييين، او على صعيد حض السوريين على العودة الى بلادهم.
دون اتهام مسبق، هذا الوضع يؤشر على ان تفريغ سوريا، من كتل سكانية محددة، سواء سنية، او معارضة، امر مطلوب، وإلا لبادرت دمشق الرسمية الى اثبات العكس، من اجل استعادة سوريا ماقبل الحرب، وهذا غير ممكن دون اجراءات مختلفة وحقيقية.
على صعيد العفو تم اكثر من مرة اصدار عفو؛ لكنه عفو مشروط بتسليم السلاح، وان يسلم المرء نفسه الى السلطات القضائية، ومثل هذا العفو لن يؤدي الى اي نتيجة، إذ إن الاصل ان يشمل العفو عدة فئات، اولها كل سوري موجود في السجون لاي سبب كان، بحيث يشمل العفو كل السوريين أيا كانت تهمهم، اضافة الى العفو عن كل السوريين الذين حملوا السلاح، لأن مقابلهم ايضا سوريون من جهات اخرى حملوا السلاح وحاربوا ضد الذين شاركوا بالحرب عبر تنظيمات، ونحن هنا لانقصد الجيش السوري، بل الجماعات الرديفة والمتطوعة التي مارست ايضا الفعل ذاته، والمنطق يقول ان العفو عن الجميع، دون تسليم للسلطات القضائية، واغلاق هذه الملفات افضل من هذه الاجواء التي تسود في سوريا، وتقول ان العام المقبل عام تصفية حسابات وثأر ممن خرجوا وشاركوا بالفوضى السورية، او الثورة السورية.
مع هؤلاء العفو عن كل الذين كان لهم نشاطات سياسية، سواء الذين كانوا في المعارضة السياسية السورية، او غيرها من جبهات ومنظمات وفئات، اضافة الى ضرورة ان تكون رسالة دمشق واضحة، بحق مئات الآف السوريين الذين كانت لهم تعبيرات غاضبة ضد النظام السوري، عبر المظاهرات في العالم او وسائل التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من طرق، ومن دون كل الاجراءات السابقة، يكون النظام السوري مصرا على تجزئة السوريين، وبدء عقاب جماعي، ونحن على مشارف انتهاء مانراه في سوريا، ولايمكن للدولة السورية ان تنهض مجددا، وكثرة من السوريين مذعورة وخائفة، من تصفية الحسابات اذا هدأت الامور، ما يفسر في حالات كثيرة اصرار كثيرين على مواصلة اشتعال الأزمة السورية، بسبب انهم يشعرون بالتهديد الشخصي في حالات كثيرة.
اضافة الى ماسبق فأن الدولة السورية، ونحن لسنا في مقام الذي ينصحها؛ لكن لمجرد اثارة التساؤلات وحسب، لم تعلن عن اي خطة واضحة محددة، تحض معها السوريين في العالم على العودة الى بلادهم، وهذا يؤشر على ان دمشق الرسمية تتعامل مع الذين خرجوا من سوريا، باعتبارهم خونة، او جبناء، او باعوا وطنهم عند اول ازمة، وهذا ايضا منطق بائد، لايصح تطبيقه، لان الانسان بطبيعته يحمي نفسه وعائلته ويتجنب مناخات الحروب والصراعات، ولعلنا نسأل دمشق اين خطتها لاستعادة شعبها الموزع في العالم، واين ضماناتها بعدم ملاحقة العائدين، وعدم اتهامهم مسبقا، وعدم البحث بينهم عمن يرونه معارضا او معلقا بكلمة هنا او هناك.
هذه ا لايام سوف تكشف قدرة دمشق الرسمية، على استرداد الشعب السوري، بوسائل اخرى،ـ فلا يعقل ان تتوقف الحرب مثلا، وتبدأ سوريا بحرب داخلية من نوع جديد، تقوم على اساس معاقبة كثرة من السوريين، واستمرار الاعتقالات، وفتح سجون جديدة، واخافة السوريين في الخارج من العودة، واذا لم تعلن دمشق خطة واضحة محددة ايجابية، فيها اشاعة للمصالحة مع الناس، ونزع لمخاوفهم، تكون سوريا قد دخلت المرحلة الاخطر، اي تصميم سوريا جديدة على مقاس النظام الرسمي، وضمن مواصفاته، وبحيث يتم نبذ غالبية كبرى من السوريين، واذا حدث هذا، تكون ابرز اهداف وغايات الحرب على سوريا قد تحققت؛ اي تشظية الداخل، وهدم بنية سوريا الداخلية.
هكذا قرارات مفترضة، بحاجة الى قوة وجرأة، وقرار بالمصالحة الداخلية، والظهور بمظهر المنتصر، يفرض اساسا استحقاقات مثل التي ذكرناها بحق السوريين، وغير ذلك نكون امام سوريا جديدة، لانعرفها ولاتعرفنا ايضا.
الدستور