من هم حلفاء الأردن اليوم؟
سميح المعايطة
28-12-2017 06:23 PM
منذ أن بدأت ازمة القدس وتداعيات القرار الأمريكي تكاثر الحديث عن بوصلة جديدة للعلاقات الخارجية والتحالفات الجديدة للأردن، وعزز من قوة هذه التحليلات التباين أو عوامل غير الانسجام مع بعض التحالفات التاريخية اضافة الى التباعد الذي كان قائما مع كيان الاحتلال والفتور في العلاقة مع واشنطن وأمور اخرى، ولعل فهم البوصلة الأردنية أو ما يحاول البعض قوله بان الأردن سيتجه في تحالفاته الى مسار مغاير أو حتى مناقض للخارطة الحالية ،لكن فهم هذا يحتاج إلى التوقف مع القضايا التالية:-
اولا -ان الأردن وعبر ما يقارب من قرن من الزمان هو عمر الدولة الأردنية تعامل وفق معادلة واضحة عبر انحيازه للغرب سواء كان الغرب بريطانيا وفرنسا قبل الحرب العالمية الثانية أو الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك ،وهو انحياز سياسي اجتماعي اقتصادي ،ورغم كل العواصف التي عصفت بالمنطقة خلال القرن الماضي حافظ الأردن على معادلات علاقاته الخارجية .
وحتى في الفترة التي أعقبت دخول العراق للكويت وعدم مشاركته في التحالف الثلاثيني ووقوفه شبه وحيد عربيا ودوليا إلا أنه لم يغادر معسكره التاريخي وعمل على ترميم شبكة علاقاته الى ان عادت الامور الى طبيعتها.
ثانيا :- ان الأردن ورغم معادلته المنحازة للغرب وما يتبعه من حلفاء عرب، إلا أنه أقام علاقات مستمرة مع المعسكر الشرقي لكنها علاقات لم تكن الغاية منها مناكفة الغرب بل الانسجام مع تركيبته المعتدلة والبحث عن الحد الاقصى من مصالحه ،فكانت العلاقة مع الاتحاد السوفييتي ووريثه روسيا وغيرهما ،وحتى عربيا أقام الأردن علاقات مع الأنظمة التي تقدم نفسها ثورية ،أي كان محافظا على شبكه علاقات واسعة .
ثالثا:- وحتى في السنوات الأخيرة ورغم بعض التباينات السياسية الكبرى والصغرى مع بعض الدول إلا أن الأردن حافظ على علاقات جيده مع إيران وتركيا كما اتخذ موقفا منحازا لمصالحه أولا في الازمه السورية ،ولم يلجأ الأردن إلى سياسه قطع العلاقات حتى عندما كان بعض الحلفاء يذهبون إليها، وهذا انسجام مع مسار الدولة المعتدل الذي لا يلجأ الى قطع العلاقات بل يحافظ على فرص الترميم العودة .
رابعا :- ان الأردن ليس دوله من العيار الخفيف الذي يلجأ للحركات البهلوانية سياسيا ،فقد يناور ويستخدم أوراقه لكن باتزان يحافظ على مصداقيته وشبكه علاقاته ،ولهذا فإن الأردن قد يزيد من حراره علاقه بارده لكنه لا يقفز من حبل لآخر. . وان تعرض لأي استهداف فإن الرد لا يكون على حساب اتزانه أو مصداقيته .
خامسا:-وخلال ازمه القدس كان هناك جهد منظم من بعض الدول أو الجماعات أو حتى الأشخاص أصحاب النوايا الحسنة الذين مارسوا نوعا من الضغط المباشر وغير المباشر على الأردن بهدف القول أن مصلحته ان يغير بوصله علاقاته أو تحالفات. والخيار الذي يقدمه هؤلاء إيران وسوريا وأحيانا تضاف قطر ،وهي دول لم يكن الأردن معنيا بقطع العلاقات معها لكن من يتحدثون يقصدون أن يقترب الأردن من هذا المعسكر نكاية بدول عربية ودولية، وكأن المقصود ان يدخل الأردن إلى معارك وحروب عمل طويلا على ان لا يكون جزءا منها .
سادسا:- ان هذا الضغط الذي مارسته دول وجهات ليس بالضرورة أن يكون حرصا على الأردن بل حرصا على دفع الأردن ليكون جزءا من معارك الإقليم،،وهذا يعني تحميل الأردن أعباء محاور حاول أن لا ينغمس فيها من اي جهة كانت .
سابعا:- ان الأردن بلد يعاني من مشكلات اقتصاديه كبرى ومشكلات سياسيه مع دول في الإقليم وعلى رأسها إسرائيل التي لم يتردد الأردن في مواجهتها في قضايا ثنائيه كما لم يتردد في مواجهه القرار الأمريكي الخاص بالقدس ،وحتى بعض الفتور في العلاقات مع بعض العرب فليس جديدا ،لكن خياره ليس التحالف مع إيران ضد العرب ،لكن كان خياره التنسيق مع تركيا في ملف القدس .
ولنتذكر أن الأردن زادت مكانته وحضوره لم الاتحاد الأوروبي في الازمه الأخيرة بسبب صدقه مصداقيته ،وعلاقته مع الروس ايجابيه ،وحتى إيران العلاقة معها موجوده لكن الفرق كبير بين علاقه وتحالف .
ثامنا :- وحتى الولايات المتحدة ورغم قرارها الظالم بحق العرب إلا أنها تدرك جيدا مكانة الأردن ودوره، وتدرك أن موقف الأردن من السلام استراتيجي وأنه ليس دوله متقلبة، كما أن الأردن يدرك أن الخيار الوحيد المتاح امام الفلسطينيين والعرب هو الحل السياسي، وبالتالي فإن الأردن يدرك تماما اين تقف مصالحه التي تتناسب مع ظروفه، ويدرك أيضا الفرق بين النصائح ذات النوايا الحسنة وعمليات الدفع به الى ان يكون وقودا لمعارك الاخرين.