الخلل الرئيس يكمن في آليات تشكيل الحكومات الأردنية وليس في أشخاص الوزراء الداخلون منهم أم الخارجون. فجميعهم شخصيات نتقفق معها ونختلف لكنها لم تكن أبدا نتاج عملية سياسية محكومة المعايير. ولم يكن هناك أي معيار سياسي بالمعنى الحقيقي نحتكم إلية جميعا عند تعيين الوزراء أو إعفاءهم من مناصبهم أو عند تشكيل الحكومة بالدرجة الأولى.
لهذا السبب نجد من الصعوبة بمكان الاعتراف بكفاءة الوزراء لغياب المقاييس الحقيقية والشفافة في تعينهم وفي الحكم على أداء وزراتهم. فعندما تجالس الكثير منهم، لا يبهرك فيهم إلا غيابهم عن المشهد وكثير منهم لا يمتكلون إلا خبرات ومعلومات عادية واحيانا منزوعة الكافين! نقول هذا مع معرفتنا بأن بعضهم يتمتع بمستوى راق في المعرفة وفي الدهاء السياسي.
من حق رئيس الوزراء إجرا ء التعديل الذي يراه مناسبا على حكومته لكن من حقنا كأردنيين دافعي الضرائب أن يكون لنا كلمة في من يدخل وفي من يخرج لأن الشعب في نهاية الأمر هو من يتحمل تواضع الأداء. نعرف أن مسألة انتخاب رئيس حكومة في الأردن، وإن كانت في صلب طموحاتنا، هي غير مطروحة، ولكن هناك العديد من الآليات لتمكين الشعب في أن يكون له كلمة بحكومته.
لو أن البرلمان قوي في أداءه ولو كان مستقلا في موقف أعضاءه ولو كان بالفعل مسئولا أمام ناخبيه لاختلف الوضع. فالأولى أن يكون للبرلمان كلمة في تشكيل الحكومة لكن لا تجري الرياح كما تشتهي السفن. فالضعف ليس فقط في الحكومات المتتالية لكن أيضا وفي البرلمانات الأردنية المتتالية. وهنا لا نتكلم عن البرلمان كمؤسسة وإنما الإداء المتواضع. فالأنسب لو كان البرلمان في موقع من يحدد من يشكل حكومة ومن يدخل ومن يخرج استنادا على توازنات سياسية بدلا من المناطقية والاسترضاءات المجربة وغير المفيدة للوطن.
بكلمة، الخلل ليس في فكرة التعديل وإنما في غياب الآليات المناسبة لتشكيل الحكومات التي يجب ان تبثق من البرلمان. فمهما اجتهد الرئيس في عملية التعديل، فإن سهام النقد ستطال العملية لغياب الأسس الواضحة والآليات الديمقراطية المناسبة والتي نعرفها جميعا.