رسالة الى الرئيس التركي اردوغان
علي السنيد
27-12-2017 11:04 AM
ليس من سبيل الصدف ان الاردن وتركيا اخوان في الموقف التاريخي المشرف المتعلق بفلسطين وفي تشابه الظروف الاقتصادية التي عصفت بكليهما، وان شاء الله ان تتشابه الدولة الاردنية مع نظيرتها التركية في الاقلاع من صميم الازمة الى افاق واسعة من التطور، الارتقاء.
ولا يخفى ان تركيا كانت في العام 2001 على شفير الافلاس، وراحت تواجه مخاطر حقيقية تعصف بها كدولة، وقد عجزت عن الوفاء بالتزامات ديونها الخارجية، ومتطلبات عملية الحكم فيها، وكانت مهددة في الصميم على صعيد كيانها الوطني العام ثم اجرت تحولات عميقة وسريعة في اليات عمل نظامها السياسي، وتفادت الانهيار، وها هي تسير اليوم على رضى من عالمها الاسلامي في مقدمة الركب كقوة اقليمية معتبرة، وقد نجت من اتون تلك المرحلة الخطرة، وارتقت باقتصادها الى افاق مستقبلية واعدة.
والاردن يواجه اليوم الخطر الاكبر الماثل منذ نشأته ككيان سياسي رغم مروره بأكثر من حرب ونكبة، وقد تم التلاعب من قبل الاعداء بأحد شروط تمكنه الاقتصادي المتمثل باعتماد موازنته في جزء مهم منها على المساعدات الخارجية التي يتلقاها في سياقه العربي، وفي اطار تحالفاته مع الجانب الامريكي، وهو يواجه ازمة عميقة في مجال الطاقة كانت تحل بإعطائه مزايا خاصة من دول الجوار العربي، وخاصة العراق نظرا لظروفه الصعبة وكونه يمثل خط المواجهة الاول مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين ولكون الاردن المؤتمن عملياً على القضية الفلسطينية، وفي منعته يكون الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية على ارضه ومقدساته.
واليوم الاردن مهدد بفعل الاسرائيليين ومن لف لفهم في وجوده كي تضعف حقوق الشعب الفلسطيني، وهو يحتاج اكثر من اي وقت مضى لحاضنته العربية والاسلامية وهو يواجه التصعيد بقطع المساعدات عنه ولتعميق ازمته الاقتصادية الخانقة والمهددة لأمنه واستقراره وذلك على خلفية موقفه الاسطوري والتاريخي المشهود في الدفاع عن عروبة القدس، والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين، وقد خاض بجسارة معركة الدفاع عن القدس دون النظر الى اية اعتبارات تخص ظرفه الاقتصادي الحرج، وبلا اكتراث بالعواقب الوخيمة التي تنتظره في هذا الظرف الحرج، وتحدى واقعه المؤلم في اتخاذ موقفه المشرف بالنسبة للقضية الفلسطينية، والشعب الاردني تحدوه الآمال الكبار بأن تمد تركيا يدها للأردن، وان تعمل على ايجاد مظلة اسلامية لحماية الموقف الاردني الذي ينبني على صلابته الموقف العربي والاسلامي والعالمي، وان تساهم في وقف مخططات كشف ظهر الاردن لدفعه للاذعان للشروط الاسرائيلية، ولكي يملى عليه واقع التفريط بالقضية الفلسطينية وبمتعلقاتها التاريخية المخبوءة في ضمائر الاردنيين، وهي جزء مهم من جهادهم ونضالهم وصبرهم وتاريخيهم في هذه الحياة.
والموقف التركي الاخوي والاصيل في دعم الاردن ازاء القرار الامريكي، وافشال اثره في المجتمع الدولي يمكن له ان يتطور الى تفهم الظروف الخاصة بهذا البلد لتعزيز منعته وصموده في مواجهة الغطرسة والتعنت الامريكي، وضرورة ايجاد ممر آمن للمملكة لتعبر منه ولا يمسها الخطر، وكي تعمل على تثبت موقفها التاريخي من القدس الشريف.
وان كل الآمال تتجه الى تركيا الاسلامية بقيادة الرئيس الملهم لامته الاسلامية رجب طيب أردوغان بتوفير الغطاء للأردن لمواصلة جهاده في سبيل قضية الامة الاسلامية المركزية المتمثلة بالقضية الفلسطينية، ولكي لا يترك وحيدا في مواجهة هذه المرحلة الخطرة للاقتصاص منه وتدمير جبهته الداخلية التي تعد سلاح المواجهة الاول عن فلسطين.
والاردن معني باستلهام التجربة التركية، وبأن ينهض من تحت رماد ازمته الاقتصادية الخانقة وبالتدريج، وبأن يحقق الشروط الوطنية لأخلائه من هذا الظرف الحرج، ولا بد من المراجعة السياسية الجذرية لفهم اسباب الخلل، ووضع الخطط والاليات المناسبة لبداية جديدة قوامها التحرر الوطني، والارادة الوطنية الحرة.