كنت قد تناولت قضية التعديل الحكومي المنتظر في مقال رمزي قبل إجراء العملية القيصرية لتلك الحالة المستعصية والتي أصبحت هاجس الحكومات الأردنية عامة وهذه الحكومة على وجه الخصوص، تلك الحالة التي أشغلت الرأي العام المحلي بمختلف أطيافه وألوانه ودخلت بذلك موسوعة جينيس للأرقام القياسية والسياسية، ولم أكن راغباً في التحدث عن قصة تغريبة الطاقم الحكومي بعد التعديل- من باب أن الضرب في الميت حرام- ، خصوصا بعدما أوسعها الكل ضربا ونقداً، أما وقد حدث ما حدث من تعديل وتنقيل، والذي كان البعض يتوقع له أن يكون تعديلا في الأفكار والسياسات يتبعه بالضرورة تغييرا في الأشخاص غير القادرين على الرؤيا بمنظار الوطن والمواطن.
حيث بهذا التعديل تكون الحكومة قد دخلت مرحلة من النقد والنكد أشد وأعمق مما كانت عليه قبل التعديل، و كأي أردني أقول إن هذا التعديل يذكرني بقصة الرجل الذي تزوج بامرأةٍ رغم معارضة أهله الشديدة لذلك.
وتتلخص تلك الحكاية في أن رجلا أحب فتاة جميلة وبسيطة، وعندما أراد الزواج بها اعترض أهله على ذلك بشدة لأنها ليست من مستواهم الاجتماعي، حيث الأسرة معتادة على نمط معين لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزه، لكنه الحب الذي يدق بابك دون استئذان، وبعد شد وجذب وإصرار من الفتى وافق الأهل على زواجه منها، ومن هنا ابتدأت رحلة المتاعب للزوجة مع أهل الزوج وخصوصا شقيقاته وزوجات أشقائه، حيث السبب للبغض والكره موجود سلفا، وابتدأت المكائد والمؤامرات التي استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة المسموحة والمحظورة من دسائس ومكائد وعملٍ للحجب لتطفيش الزوجة الوافدة على الأسرة التي اعتقدت أن مكانتها قد اهتزت وتضررت بسبب تلك الزيجة.
وما هي إلا شهور قليلة حتى بدأت أعراض الحمل تبدأ بالظهور على الزوجة ، عندها استبشرت العائلة فرحا بحصول ذلك متوهمة بأنها سوف تعوضهم عن ذلك الهم والغم، معتقدين أنها ستنجب لهم الفاتح صلاح الدين الأيوبي أو سيف الله المسلول خالد بن الوليد، ومن هنا انطلقت رحلة السعادة للزوجة وانتهت رحلة القهر والألم والعذاب، وأصبحت جميع طلباتها مجابة وعلى الفور، واستغلت الزوجة الحامل تلك الحال، - وحم نسوان- وبدأت بالانتقام من خلال طلباتها التي لا تنتهي، وكان بعضها يشكل ضربا من التعجيز تارة والخيال الموهوم أخرى والاستغلال البشع ثالثة....الخ، وكان جميع أفراد الأسرة يتسابقون في الجري استجابة لتلك الطلبات خوفاً على المولود القادم والذي سيكون بنظرهم دعامة أساسية من دعائم الأسرة ومبشرا باستمرارها إلى ما شاء الله له أن يكون.
عدة شهور انقضت وعندما حانت ساعة الوضع أُعلنت حالة الطوارئ وتجمع كل أفراد الأسرة ذكورا وإناثا شيبا وشبانا، وكل قد احضر ما يليق بجلال المولود القادم من ملابس أنيقة وحلوى بأنواعها الفاخرة ونساء يشددن براغي أفواههن استعدادا للزغاريد ورجال جاهزين في ميدان الرماية لإطلاق النيران فرحا وسرورا وجزارين ينتظرون إشارة البدء استعدادا للذبح.
ومع أول طلقة للزوجة، أطلقت أولى العيارات النارية إيذانا ببدء عملية الولادة ،واستمر الحال كذلك سويعات، والكل يترقب القادم المأمول، وما هي إلا لحظات حتى خرجت احدى النسوة مكفهرة الوجه منهمرة الدموع مطأطئة الرأس، فظن الجميع أن المولود قد مات، وعند سؤالها عن المولود أجابت بحرقة وألم، بنت..بنت...بنت، وغادرت مسرعة إلى بيتها تجر أذيال الخيبة والفشل.
وقع الخبر عليهم كالصاعقة وأصبح الكل منهم مشدوها مصدوما لا يدرون ما العمل، يا للعار لقد أنجبت بنتا، ماذا سنقول للعالم الذي انتظر حدثا مذهلا كان من الممكن له أن يغير وجهة التاريخ....عندها جرّ كل منهم أذياله عائدا إلى بيته خائبا، إلا الزوج المحب لزوجته والذي لازمها ولم يفارقها وحمد الله على سلامة الزوجة أولا واطمأن على صحة المولودة ثانيا.
شهور انقضت وعادت ريمه لعادتها القديمة، وبدأت تحاك المؤامرات من جديد ضد الزوجة المغضوب عليها ولا الضالين، كيف لا وما هي إلا (المكروهة وجابت بنت).
بصراحة دولة الرئيس لا التشكيل السابق مقنع وأما الحالي فهو مفجع ولم يضف إلا أعباءً أخرى على المواطن وخزينة الدولة، أما أنت أيها المواطن فما عليك إلا أن تصلي ركعتين قضاء حاجة عل الله يزيل الغمة التي حاقت بك، ودمتم حتى تموز.
kalilabosaleem@yahoo.com