يأتيك من يقول انه لا يصح ان يكون وزير الداخلية ، من عائلة القاضي ، ومدير الامن العام ، من عائلة القاضي ، وفي الكلام ، سم مدسوس في العسل ، وكأن "العائلة" هنا ، اصبحت عبئا على حياة الانسان ، وفي الكلام ايضا ، من يريد ترحيل احدهما ، بذريعة الموضوعية.
لا.. وزير الداخلية ، ولا.. مدير الامن العام ، يمكن ان يتأثرا بهكذا قصة ، ونحن نعرف ان الخصومات ، في عمان ، لم تترك احدا في حاله ، وهي ليست المرة الاولى التي يأتي فيها مسؤولان ، من ذات العائلة في ذات التوقيت ، فقد رأينا "آل الرفاعي" ، الاب في رئاسة الاعيان ، والابن في وزارة البلاط ، ورأينا "آل الذهبي" احدهما في الحكومة ، والثاني على رأس جهاز امني ، و"آل المجالي" اخوة وابناء ، في ذات التوقيت ، وهكذا ، لا يتم توارث المناصب ، او مقاربتها اجتماعيا ، بقدر ان عدد عائلات البلد معروف ، وكل البلد تعرف بعضها البعض ، ومن الطبيعي جدا ان تحدث هذه القصة ، دون ان تعني ، ان هناك عائلات دمها ازرق.
مدير الامن العام ، ضابط محترف وخبير ، وامضى طول عمره في جهاز الامن العام ، وحين كتبت مقالا انتقد فيه بحدة ، تصرفات عسكري في وسط البلد ، وتصرفات اخرين في اربد ، اتصل بي قراء واصدقاء وقالوا ان الامن العام ، سينتقم منك ، او انني سأتعرض الى عذاب عظيم ، واخر يقول لي.. "حماك الله من هكذا نتيجة" ولا يعرفون ان مدير العام ، شفاف ويحتمل ويعرف ان جهازه فيه من يخطئ ، وفيه الاف اخرون يحملون احمال جسيمة ، ويعملون بحرفية وبصمت ، مقابل الذي يخطئ ، حتى لا نسوّد سمعة الجهاز بأكمله ، وحين التقي مدير الامن العام امس يقول لي.. ان الملك هو الذي يصر على الشفافية واحتمال النقد ، ونحن نلتزم بروحية كلامه ، ونتقبل كل اشارة باحترام ، فهذا جهاز كبير يتعامل مع الناس ، ويخطئ ويصيب.
وحين ارى منطق مدير الامن العام ، بهذه الطريقة ، اسأل نفسي ، هل يصح اذا ان نحاكم الناس فقط على اسم العائلة ، باعتبار ان العائلة تمنع تعدد المسؤولين ، ام ان اسم العائلة في حالات كثيرة ، ضمانة اضافية ، لنا ، تجعل المسؤول في خانة الوفي لارث الاباء والاجداد ، حريصا ، ان يكون بذات شيمهم الطيبة ، ومنطق دس السم في العسل ، منطق كريه ، فما الذي يضيرنا اذا كان وزير الداخلية ومدير الامن العام من ذات العائلة ، خصوصا ، ان كليهما يخدمان الاردن ، ولا يخدمان العائلة ، ولا نجد واحدا يستقوي من عائلتهما على الاخرين باسم المسؤولين ، في الداخلية والامن العام.
هناك حملات تتم لاعتبارات ، ليس هنا مكان شرحها ، والواضح ان هناك من هو غير راض خلال الشهور الاخيرة ، ومن هو لن يكون راضيا خلال الشهور المقبلة ، ويكيل الكلام ، بالقنطار تحت مسميات مختلفة ، ووزير الداخلية الجديد ، لا نستطيع ان نحكم على عمله ، اليوم ، وهو بحاجة الى وقت كاف حتى نسأله عن عمله ، وانجازه ، فلا يصح اذا اليوم ، ان نحشر المسؤول ، في زاوية ضيقة ونقول له ان هناك لغطا حول وجودك كوزير كون ابن عمك او احد اقربائك ، في ادارة الامن العام ، من جهة اخرى ، وهي محاولات عرقلة مبكرة ، للوزير ، ومحاولات عرقلة بأثر رجعي لمدير الامن العام ، الذي لايمكن انكار انجازاته ، ولا يمكن في الوقت ذاته انكار سعة صدره وملاحقته لاي ملاحظة او خطأ ، بحق اي عنصر في الامن العام.
لا تجد شعبا ، يختلف حتى على لون القمر ، مثلنا ، فلدينا دوما ، مؤونة كبيرة للكلام والعجن والغمز والهمز ، من كل شيء ، ولا يرضينا شيء ، حتى لو كان كاملا وعظيما ، فاذا لم ننتقد تشكيل الحكومة انتقدنا التعديل ، واذا لم ننتقد التعديل ، تخوفنا مما بعد التعديل ، واذا لم نتخوف مما بعد التعديل ، تخوفنا من تشكيل الحكومة الاسرائيلية او الفلسطينية ، وهكذا نجد دوما ما يقلقنا ، ويثير "السواليف" في مجالسنا ، الشتوية والصيفية على حد سواء ، وربما هي دليل نعمة من رب العالمين ، اننا نقول ما نريد ، ونعيش بكرامتنا ، فلا يؤذينا احد ، وتبقى كرامتنا محفوظة حتى في عز الخلاف والاختلاف.
لا يوجد في الاردن ، دم ازرق ، وعائلة كالقاضي ممتدة في نصف دول المشرق العربي ، لا يجوز حشرها بكل هذا التسطيح ، في قصة منصبين ، خصوصا ، ان كليهما يخدم الاردن والملك ، ولا يقول انه يخدم ابن عمه ، او ان دمه ازرق ، ومن حق كل انسان في الاردن ان يجد ويتعب على نفسه وان يصل الى اي موقع ، ولا يهمني انا سوى الاداء ، والاداء فقط لاي مسؤول ، حتى لو كان جميع وزراء الحكومة ، من عائلة واحدة.
كلنا في الاردن ، كذلك ، ابناء عائلة واحدة ، وعلى هذا الاساس ، فان وزير الداخلية ومدير الامن العام ، ابناء عمومتي كذلك.
m.tair@addustour.com.jo