فكرة تدريس مساقات قانونية باللغة الإنجليزية وصعوبات الواقع العملي
د. ايهاب عمرو
26-12-2017 09:35 AM
تقوم بعض كليات الحقوق في العالم العربي بتدريس مساقات قانونية باللغة الانجليزية، خصوصاً ذات العلاقة بالمعاملات التجارية والمالية والبنكية. وأود في هذا السياق تحليل صحة تدريس هذا النوع من المساقات من حيث قوة المخرجات وإمكانية تحقيقها على أرض الواقع مستقبلاً.
تعد فكرة تدريس مساقات (مقررات) قانونية باللغة الانجليزية في بعض كليات الحقوق في الجامعات العربية فكرة خلاقة، من حيث المبدأ، غير أنها تصطدم بصعوبات عملية لا حصر لها أهمها ضعف مستوى الطلاب والطالبات كأثر مترتب على ضعف تأسيسهم بتلك اللغة، ما يفرغ تلك الفكرة الخلاقة من مضمونها ويجعل من آثارها السلبية أكثر من إيجابياتها في بعض الحالات.
ومن خلال المقارنة بين الطلبة (الطلاب والطالبات) في الجامعات الغربية في الدول غير الناطقة بالإنجليزية ونظرائهم في العالم العربي يتضح لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك بونا شاسعا بين الطلبة في الغرب والطلبة في العالم العربي، مع الاحترام، من حيث مستوى اللغة الانجليزية بشكل عام، والقانونية الانجليزية بشكل خاص. فبينما يصل الطالب/ة في تلك الدول الغربية إلى المستوى الجامعي متقناً لأكثر من لغة أجنبية، إضافة إلى الانجليزية، نجد أن معظم الطلاب والطالبات في العالم العربي بشكل عام، وفي تلك الجامعات التي تعكف على تدريس تلك المقررات باللغة الانجليزية بشكل خاص، يفتقدون إلى المستوى الذي يؤهلهم لدراسة تلك المقررات بسبب عدم إلمامهم بأساسيات اللغة الانجليزية كأصل، وعدم إلمامهم كذلك بمتطلبات اللغة القانونية اللازمة لدراسة تلك المقررات، إضافة إلى عدم إلمامهم بأساسيات ومهارات الكتابة باللغة الانجليزية بشكل عام، والكتابة القانونية باللغة الانجليزية بشكل خاص. ويستثنى من ذلك طبعاً الجامعات المختصة أصلاً بالتدريس باللغة الانجليزية كالجامعات الأميركية وغيرها من فروع الجامعات الغربية في العالم العربي، كون أن تلك الجامعات لا تقبل إلا نوعية خاصة من الطلاب والطالبات ممن لديهم التأهيل الكافي باللغة الانجليزية قبل التحاقهم بتلك الجامعات ما يضمن قوة المخرجات الناشئة عن التحصيل العلمي في تلك الجامعات.
وحسب علمي المتواضع، يقوم الطلبة في بعض تلك الجامعات العربية التي تقوم بتدريس مساقات قانونية باللغة الانجليزية بالطلب من أساتذة المساقات الحديث باللغة العربية عوضاً عن الانجليزية، بحيث يقوم الأستاذ/ة بعرض العناوين الرئيسية باللغة الانجليزية ويكمل حديثه/ا باللغة العربية وهو ما يجعل من الآثار السلبية الناشئة عن ذلك أكثر ضرراً ويفرغ معنى تدريس مساقات قانونية باللغة الانجليزية من مضمونه. ناهيك عن ضعف مستوى (بعض) الكادر، مع الاحترام، ممن يقومون بتدريس تلك المساقات باللغة الانجليزية ما يجعل من مخرجات تلك العملية أقل فائدة مما هو مأمول.
لذلك، قد يكون من الأجدى تدريس المساقات القانونية باللغة العربية بشكل كامل في تلك الجامعات مع تخصيص مساق أو أكثر لطلبة كليات الحقوق في العالم العربي باللغة الانجليزية مثل مساق مصطلحات قانونية باللغة الانجليزية، ومساق اللغة الانجليزية للمحامين والمحاميات، عوضاً عن قيام البعض بدفن رؤوسهم في الرمال وتدريس مساقات قانونية باللغة الانجليزية بشكل كامل على الرغم من ضعف مستوى الطلبة وعدم قدرتهم على دراسة تلك المساقات من جانب، وضعف مستوى (بعض) الكادر في اللغة الانجليزية العامة والقانونية ممن يقومون بتدريس تلك المقررات واعتمادهم على أساليب تلقينية في التعليم من جانب آخر، وذلك لكونهم غير مزاولين لمهنة المحاماة أو لكونهم لم يعملوا كمعيدين أو معيدات "أساتذة" في جامعات الدول التي تخرجوا منها أو غيرها قبل التحاقهم بتلك الجامعات التي تقوم بتدريس مساقات قانونية باللغة الإنجليزية وهو ما يجعل من طرائق التدريس التي يتبعونها أقل فائدة وأضعف أثرا، ويجعلهم كذلك يحاربون كل من يأتي بأية طرق تدريسية جديدة نتيجة خشيتهم أن ينكشف أمرهم وضعف مستواهم.
غير أنه يمكننا إعمال استثناء عن القاعدة العامة السابقة بحيث يتم تدريس المساقات باللغة الانجليزية في تلك الجامعات بشرط اختيار طلبة ممن تتوفر لديهم المؤهلات اللازمة في اللغة الانجليزية من جانب، وبشرط اختيار الكادر المؤهل القادر على تدريس تلك المقررات باللغة الانجليزية بمهنية عالية. ويمكن الاستعانة في هذا الصدد بأساتذة أجانب لكي يقوموا بالتدريس في تلك الجامعات، إضافة إلى بعض الأساتذة العرب ممن تتوفر لديهم القدرة والكفاءة خصوصاً من أولئك الذين عملوا في جامعات أجنبية في سواء في الغرب أو في الشرق سابقاً وذلك لضمان سيرورة العملية الأكاديمية على الوجه المأمول.