وردني من أكثر من مصدر، إيضاح على جانب كبير من الأهمية، حول موقع قرار الأمم المتحدة الأخير، الذي ينقض فيتو واشنطن ضد مشروع قرار مجلس الأمن بشأن القدس، وهو غير بعيد عما كتبناه هنا منذ أيام عن الخديعة التي بلعناها كعرب، حين اعددنا مشروع القرار إياه، (راجع مقال قرارات لن تحرر حبة رمل! المنشور في الدستور يوم الخميس 21 كانون الأول / ديسمبر 2017)..
الإيضاح منسوب للسفير السابق فاروق سعد الدين زيادة المتخصص في شؤون الأمم المتحدة، ويقول فيه إنه تم التعتيم على قرار الجمعية العامة في دورتها الخاصة حول القدس هذا الأسبوع الذي اتخذ تحت بند « الاتحاد من اجل السلم « (Uniting For Peace )والذي اتخذ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (377) لعام 1950 حول الحرب الكورية.
حيث حاولت أجهزة اعلام عالمية عربية الادعاء بأن القرار المتخذ قرار عادي للجمعية العامة للأمم المتحدة وبذلك فانه قرار استشاري فقط لا يختلف عن قرارات الجمعية العامة السابقة، وليست فيه صفة الإلزام، بينما واقع الأمر هو أن القرارات التي تتخذ في دورة خاصة للجمعية العامة تحت بند « الاتحاد من اجل السلم « بأغلبية الثلثين لها صفة الإلزام وقوة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ويفسر الأمر بقوله إنه عندما قامت كوريا الشمالية بالهجوم على كوريا الجنوبية عام 1950 حاولت الولايات المتحدة التدخل في الحرب لصالح الجنوبية بإصدار قرار من مجلس الأمن لإرسال قوات تحت مظلة الأمم المتحدة للوقوف الى جانب كوريا الجنوبية، فقام الاتحاد السوفياتي باستخدام حق « الفيتو» لمنع اتخاذ قرار بهاذا الخصوص . فقامت الولايات المتحدة بالالتفاف على ذلك بالذهاب الى الجمعية العامة، والتي كان لها فيها آنذاك أغلبية ساحقة، بحجة انه لا يجوز عرقلة منع تهديد الامن والسلم الدوليين من قبل احد الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن باستخدامها حق النقض (الفيتو) ومنع المجلس من اتخاذ قرار بهذا الشأن، فكان ان دعت الدول الغربية الى عقد دورة استثنائية خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1950 تحت عنوان «الاتحاد من اجل السلم « تم فيها اتخاذ القرار رقم 377 ، بتصويت 52 ضد 5 أي بأغلبية الثلثين، جاء فيه انه في حالة قيام عضو دائم في مجلس الأمن بعرقلة اتخاذ قرار يتعلق بالأمن والسلم الدوليين فانه يحق لدورة خاصة للجمعية العامة تجاوز ذلك باتخاذ قرارات بأغلبية الثلثين تكون لها قوة قرارات مجلس الأمن ومن ضمنها الصلاحيات الممنوحة بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، وقد تم بموجب هذا القرار ارسال قوات للامم المتحدة الى كوريا .
كما تم عقد الجمعية العامة في دورة استثنائية بموجب القرار 377 لعام 1950 « الاتحاد من اجل السلم» عام 1956 ، عندما قامت بريطانيا وفرنسا باستخدام حق النقض الفيتو في حرب السويس لمنع ارسال قوات فصل السلاح بين مصر واسرائيل، وأصدرت الجمعية العامة قرارها باغلبية الثلثين بارسال قوة عسكرية للفصل بين القوات المصرية والاسرائيلية؛ وعليه فإن عقد اجتماع استثنائي لدورة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 377 تحت بند « الاتحاد من اجل السلم « واصدار قرار حول القدس بأغلبية الثلثين له صلاحيات مجلس الامن والصلاحيات في الفصل السابع أمر بالغ الأهمية، اي انه بمثابة صدور قرار من مجلس الامن بموجب البند السابع .
وقد تم بموجب هذا القرار اعتبار قرار ترامب حول القدس او اي قرارات أحادية أخري من اي جهة كانت باطلة وملغية وليس لها اي صفة قانونية، كما أن هذا يفتح الباب أمام الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية دون عرقلة من الفيتو الامريكي او غيره ومحاسبة إسرائيل ومسؤوليها.
فهل هذا صحيح يا فقهاء القانون الدولي؟ ولم لا تتحرك الدول العربية لاستثمار هذه الفرصة؟
الدستور