ليست الظروف الحالية التي يمر بها الوطن، وسيده الهاشمي، ويقف في مواجهة " محنة القدس" بأمور محدثة على هذا الوطن الصابر، الذي إعتاد على اليسر حيناً والعسر أحياناً.
يسر لسنين، وعسر لأعوام كثيراً ما إمتدت ، ومنذ تأسس الوطن ووقف الشيخ الجليل الملك المؤسس الشهيد - طيب الله ثراه- على حافة معان عام 1921 ينشد الرجال لتحرير سوريا مما أصابها، ومنذ رفع خطاب التحرير تواطأت عليه الظروف، وسريعاً ما أنشب أظفاره الانتداب ليحد من الحلم، وليزيد هذا الوطن من الإصرار، فسمي مشرقاً عربياً بإنتظار أن يتكون الحلم، ووجد الملك المؤسس نفسه وحيداً محاطاً ببعض الرجال الأشداء في حين إنسدل كثر إلى خدمة الانتداب ومنهم من يمم وجهه ينشد راتباً عند عدو، ورغم ذلك بقي مرابطاً في عمان يشيد صرحاً.
ولم تمنعه نكبة فلسطين، من التوقف ولو حيناً، إذ واجه الصلف الصهيوني، حاملاً حلم الوحدة ليكون ويتحقق، فما كانت سنين عسر أمست لاحقاً يسر وتحققت وحدة عز نظيرها بين الضفتين لتتشكل لاحقاً وجداناً.
وميزة الهاشميين أنهم في يشكلون وجدان الشعوب والعمران البشري، قبل أن يشكلوا الجغرافيا، فأصالة الشرعية تمحو كل فوارق.
وكثيراً ما عبر الوطن في عهد الملك الصابر المرابط الحسين بن طلال - طيب الله ثراه- أزمات لربما كانت أشدها في منتصف عقد الخمسينات ، حين أغلق الأشقاء الحدود وأداروا ظهرهم لإلتزاماتهم التي وعدوا بها وما أتت، وفتحت إذاعات الأشقاء موجاتها تحاول أن تأتي على الأردن، ولكنهم مضوا وبقي الأردن... ليتبعها سني عسر لاحقة في ضياع الضفة الغربية، التي كانت ثمناً لأيديوجيات لم توافق الأردن رؤاه، وسايرها الأردن على علمه بنتائجها.. ولكن لم يكن بالامكان أن يصدر من الأردن عناد في عمل عربي مشترك ..
ومطلع تسعينات القرن الماضي كانت استدارة أخرى أغلق خلالها منفذنا البحري في العقبة، ومررنا بظروف صعبة وعبرنا..
واليوم، يخوض الملك الصابر المرابط عبدالله الثاني معركة الشرعية في القدس، في وقت تحالفت فيه قوى الصلف مع بعض من شابهم الوهن ، ويبقى الأردن صابراً، يجعل من سني العسر يسراً مهما طالت محنها ..
ختاماً، الأردن أصيل بشرعيته ووجوده وما مر عقد عليه لم يكن له معركته التي خاضها، وعبر من كل معاركه وهو أقوى وأكثر شدة، والسر في شرعيته وأنه وطن ينشد حياة.. هكذا تعرب الشرعية عن ذاتها.. حمى الله الوطن الهاشمي ودمنا للقدس حماة .