ما زلت تطل علينا من شباك طائرتك.
و ما زلت تمسح مياه نهر الفرات من فوق جبهتك الشريفة، أظنه كان بارداً جداً لأنك ترجلت من صهوة جوادك في الصباح الباكر البارد.
و ما زلت تطل علينا من نافذة سجنك الناري و رأسك مرفوع مرفوع مرفوع.
في هذه الليلة بالتحديد كنت أقود سيارتك و احتضن ابنة أخيك و هي تقول بحروف مقطعة هذه سيارة عمو معاد..... الله يرحمه.. الله يرحمه، و هي الطفلة الوديعة التي تريد كل شيء تراه أمام ناظريها حتى صورتك البهية.
و قد اعطيتها اشياء اطفال و طعام و العاب باسمك كي تعرف كم كان و لا زال اسمك معطاءً في كل حين ليس عليها فقط بل عليّ و ربما على كل طفل و وطن.
يا معاذ نارك أصبحت نيراناً على من اشعلها و تبخرت اسطورة داعش و لم يُعثر على أيٍ منهم ليُسأل ما هو الخبر، و طائرتك كانت و لا زالت هي الوحيدة التي أُسقطت من علياء السماء، و جسدك الذي أردنا أن نعيده لمسقط الرأس كي يرقد هناك بالقرب من آبائك و اجدادك و اقرانك لم نجد له أثر و لم يخبرنا عنه أحد ، يا معاذ إنها المؤامرة.
كثيرة هي الأحداث بعدك، داخل البلد و خارجها و ما أحداث القلعة و سائد المعايطة و رفاقه عنا ببعيد و تحرير العراق بعد تبخر داعش ثم تخبرها من سوريا ثم قرار الارعن ترامب بتهويد القدس و لكن القدس عصية على هؤلاء الشياطين، جعلها الله ذخرا للإسلام و المسلمين ما دام الليل و النهار.
الجدير ذكره، أنه بالرغم من كل هذه السنون و الأحداث لا زلت تتصدر المشهد و لا زلنا نُعرف بك فأول ما يُذكر هذا اخو الشهيد و هذه بنت أخي الشهيد و يخرج شاب فلسطيني غزاوي مناضل من رحم الحصار و يطلق اسماً مركباً على ابنه باسمك" معاذ الكساسبة " و سيزور هذا الطفل بيتنا و سينام على سريرك و سيلبس بوريتك العسكرية، أن شاء الله.
يا نسرنا ألا ترى معي بأن يداً تعهدت كل هذا، فنحن أهلك لا نملك أن نجعل محبتك و ذكرك هنا و هناك، و لا نملك أن نجعل كل من سمع باسمك مهما كان جنسه أو جنسيته أو توجهه أو ديانته أن يترحم عليك و يمنحك لقباً جديدا كل على حسب طريقته، و لا نملك أن نجعل الأطفال يتذكروا اسمك فقط بذكر اسم الطيار فيكملوا الخبر معاذ الكساسبة.
يا معاذ يأبى القلم إلا أن يكتب رغم معاندتي له، و يأبى القلب إلا أن ينفطر، و يأبى الفكر إلا ان يتذكر و يذكر، و تأبى الطفولة إلا أن تتغنى بترانيم اسمك، يا معاذ يا معاذ .
رحم الله شهداءنا الأبرار و رحم شهداء الأقصى و غزة و الكرك و اموات المسلمين.
حمى الله القدس من دنس اليهود و من والاهم و ردها إلينا ردا جميلا.
حمى الله الوطن عزيزا أبياً كريما بجهود المخلصين و الشرفاء