بغداد هكذا عرفتُها .. أمنٌ وأمان
صالح الراشد
22-12-2017 06:04 PM
بغداد حاضرة الدنيا عرفتها وعرفتني، عرفتها أمن وأمان ومحبةٌ لبني الانسان، وعرفتني عاشقا ولهانا بحبها على طول الزمان، بغداد رهبة التاريخ بسمة الخلان يصنعها الرجال ويصونها الفرسان، فمهما توقفت عجلتها تسارع الى الدوران.
كنت معها على موعد بعد عقدين من الغياب، طرقت بابها فحنت عليَّ بحنان وأرخت جدائلها وفتحت لي بابها وهمست بدونكم أشعر بالغربة يا عربان، فلا تبتعدوا فاني بكم ومعكم فوة لا تستهان، وكلنا لبعضنا بنيان نشد أزرنا سويا فنرتقي فوق مصائب الزمان.
طفت بها وانا أبحث عن جرائم الضلال من عمارات مهدمة وجسور منهارة وملاعب مدمرة، طفت طويلاً وفشلت كثيرا، فلا أثر الا لمبدعين رسموها بريشة فنان، كل شيء عاد حتى غدت جنان، فبابل عادت للحياة وهولاكو غادر مأفون خسران.
هذه هي بغداد قاهرة كل الصعاب والتي تحول الصدمات الى ارتقاءات، سرت في شوارعها فالرصافي والمتنبي ثابتان ويقولان : شعب بهذه العظمة سيظل حراً فاسكتوا يا تجار الخذلان وامنحونا صمتكم ودعونا نبني عاصمة الرشيد فهي لكل رشيدٌ عنوان.
سرقتني ضحكات اطفالها وهي تطوف حول تاريخ المكان، وسيدات يلتقين دجلة بافتتان ورجال يبحثون عن نفائس الكتب وكأن مكتبتها عادت من غابر الازمان تنثر عبيرها وعلمها لتُشفي وتسقي كل ولهان.
بغداد هكذا عرفتُها جنة زينت الجنان، بغداد هكذا عرفتُها منارة علم أضاءت الارض على مدى الأزمان، بغداد هكذا عرفتُها نصيرة للعرب من كل افاك جبان، بغداد هكذا عرفتُها فضموها بحب وحنان ولا تتركوها فهي لكم الضمان.