ولنا في عرس التعديل أو "التغيير" القادم .. لقاء
25-02-2009 05:39 PM
ذهب كل من تناول التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس "المهندس" نادر الذهبي على حكومته بإتجاهين، أولاهما إنتقاد التعديل بقوة أو "بحنية"، ومن ذهب الى النقد اللاذع كان يتحدث بنفس عدم الرضى عن المحاصصة التي جرت، وبالطبع يقصدون المحاصصة العشائرية، فنحن لسنا دولة طوائف وأديان وأحزاب متعددة، ولربما ذهب بعضهم الى الأضيق ليتحدث عن المحاصصة العائلية، ومن ذهب للإنتقاد بحنية لبس عباءة التكنوقراط والتحليل المتخصص لا سيما في الموضوع الإقتصادي، وهؤلاء أرادوا أن يظهروا "عضلاتهم" الإقتصادية وركزوا على قصة الأزمة المالية العالمية وإرتدادها على الأردن وأخذوا على الرئيس عدم تغيير رئاسة الفريق الإقتصادي وإحكام قبضته على رئاسة الإقتصاد، وبعض من هؤلاء لربما كان يريد أن يصب في دائرة محاصصة أوسع ليتحدث عن محاصصة "المنابت والاصول" ولكن عن طريق التكنوقراط.
وفي سياق تحليل التعديل من حيث التخصص، ذهب البعض الى الحديث عن ملف الدبلوماسية الأردنية وأخذوا يحذروا من ما هو قادم في ظل العواصف السياسية التي تعصف بالمنطقة وخطرها على الاردن لا سيما وأنه في قلب هذه العاصفة خصوصا الى جهة الغرب وتولي حكومة إسرائيلية متطرفة مقاليد الحكم في تل أبيب وخطورة برنامجها السياسي على الاردن لا سيما في برنامج الوطن البديل، وغير ذلك من "فلسفة" الإنتقاد وكأن ما أتى "كارثة" ومن رحل "منقذ".!!
اللافت أن كل هؤلاء كانوا "ينبشون" هذا الملف أوذاك، وكلهم كانوا ينتهون بطرح سؤال واحد عن السبب حول التعديل الذي دفع الرئيس لإجراء التعديل، ولماذا خرج التعديل بهذا الشكل، فيما ذهب آخرون للهجوم على الرئيس من باب إقفال كل الطرق التي كان من الممكن أن تنفذ منها معلومة الى الصحافة.
لا أعلم ما الجديد في قصة التعديل، فهذه عادة أردنية بإمتياز، تعديل، ثم تعديل محتمل أو تغيير، ولربما تكون إعادة التعديل فرصة أخيرة للحكومة لإطالة عمرها ولتكسب الوقت لا سيما إذا ما كان هنالك ملف ما يجب أن تنهيه وطالت المدة ولم تصل الى نهايته، فهي "عمر" آخر للحكومة وإن كان في المحصلة قصير الأجل وصولا الى التغيير النهائي، وهنا يكون الرئيس على وجه الخصوص على أتم الرضى بعد أن أخذ حقه "كاملا مكملا".
إنتقاد التعديل هو الأحجية وليس التعديل بحد ذاته، فما الذي تغير، وزراء سابقون عادوا الى مكاتبهم أو مكاتب وزارات جديدة يدخلونها لأول مرة، أو وزراء تركوا حقائب ووكلوا بحقائب أخرى، وهذا هو ما يجري على الدوام، أو وزراء جدد بالأغلب يكونون أبناء رؤساء وزارات أو وزراء سابقون، فما الجديد إذن، ولماذا كل هذا "الطخ" غلا لمحاباة فلان أو علان ممن خرجوا أن ممن كانوا في بورصة الأسماء لكنهم سقطوا .. سهوا .. ليس أكثر.!!
أما في قصة حجب المعلومات، فلا نعلم متى كان التعديل الوزاري يتم في الأردن على قاعدة الشفافية، أو إذا ما كانت تنقل المشاورات النيبابية مع الحكومة مباشرة عبر أثير الأردن أو تلفزيونه الوطني كما طالب أحد "الناقدين"، إذا كانت هنالك مشاورات مع كتل نيابية اصلا، هذا فضلا عن شخصية الرئيس "الباشا" المعروفة بصرامتها، فمن كان من الممكن مثلا أن يحصل على لقاء صحفي مع الباشا عندما كان مديرا للخطوط الملكية الأردنية، وأذكر حينها أن الحديث عن موضوع خصخصة الملكية كان على أشده ولم نكن نحصل كصحفيين إلا ما على ما ندر من المعلومات التي كان يفرج عنها الباشا في حينه، ولعل هذه سياسته في إدارة "المعلومات" بما ينسجم ومصلحة ما "يدير" حسب وجهة نظره، ولا نعلم إذا ما كانت هذه سياسة تجدي في ظل عصر ما يقال عن سياسة الشفافية الحكومية، لكن بالمحصلة فهذه ليست أحجية ايضا في قصة التعديل.
ثاني الإتجاهات في قصة نقد التعديل "نُبشت" قصة غريبة ليست ببعيدة عن حكاية "المشاورات"، فهناك نَفَس جديد على الساحة الاردنية فحواه مبدأ تشكيل الحكومة نفسها، وهؤلاء ذهبوا للقول بأن القصة ستكون هي القصة ذاتها في كل مرة ما دامت تشكيل الحكومة في الأردن لا يخرج عن إطار إختيار موظفين كبار لشغل المناصب الوزارية لا يتمتعون بأغلبية شعبية، وهؤلاء يطالبون في بعض نواحي النقد بأن تشكل الحكومة من خلال الأغلبية البرلمانية، وهي نغمة الحكومة "الدستورية" والحكم الدستوري من باب أن الحكم في الأردن نيابي ملكي.
هذه حكاية لربما تكون ذات وجه حق في محتواها، لكن السؤال أين هذه الأغلبية البرلمانية، وكيف يمكن أن تشكل مثل هذه الأغلبية دون أن يكون هناك أحزاب أردنية قوية وذات جماهيرية شعبية قوية اولا، ودون أن يكون هناك قانون إنتخابي يتناغم وهذا الجو الحزبي، وإذا ما نظرنا الى الجو السياسي الاردني فنجد بأن الإسلاميين وحدهم من يتمتعون بقاعدة جماهيرية عريضة وببرنامج سياسي واضح، وبالمقابل فشلت كل محاولات تشكيل أحزاب تكون "ندا" للتمدد الإسلامي، وفي الذاكرة الأردنية ما يثبت هذا، فهل حكم الإسلاميين ممكن خاصة في هذا الجو السياسي المحلي والإقليمي والدولي، وهل هذا من مصلحة الأردن، ومن الذي سيكون المعارض الأقوى للتيار الإسلامي، وكيف سيكون نمط الحكم، وهل نضمن أن يحصر فقط بمنع "السباحة المختلطة والإختلاط في المدارس والجامعات، أم يمكن أن نوسع مداركنا لنستوعب حقا ما الذي سيجري معنا ولنا؟؟!!
بالمحصلة، فإن حكاية التعديل وما يصاحبه ليست أحجية بقدر ما أصبحت "عرسا" أردنيا خالصا، وإذا ما كنا ننتقد حقا وقلبنا على الأردن، فلنقدم البديل العصري في التشكيل الحكومي ولنعمل لتغيير ما هو سائد وبطرق علمية مدروسة، والأهم بعين "وطنية" حقيقية بعيدة عن المصالح الضيقة، وهذا ليس دفاعا عن الحكومة ولا هجوما عليها بقدر واحدة من حلقات "السامر" في العرس الاردني المؤجل دوما الى قصة التعديل او التغيير الحكومي.
ولنا في العرس القادم لقاء.
Nashat2000@hotmail.com