الثورة الإعلامية في المملكة العربية السعودية بدأت. وزارة الثقافة والإعلام ومن خلال الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع أعلنت أنها بدأت مؤخراً في إعداد الخطوات اللازمة لافتتاح دور السينما في السعودية. سيبدأ العمل بالتعليمات الجديدة "اللوائح الخاصة" لترخيص دور العرض مع بداية العام 2018.

وتقوم الوزارة بوضع التعليمات والانظمة القانونية، خلال ثلاثة شهور، تسمح بمراقبة المحتوى وفق معايير السياسة الإعلامية في المملكة. ويفترض في العروض أن "تتوافق مع القيم والثوابت المرعية"، وأن " لا يتعارض مع الأحكام الشرعية ولا يخل بالاعتبارات الأخلاقية في المملكة". وحسب رؤية 2030 فإنه من المتوقع إنشاء ما يقارب 300 دار سينما حتى ذلك التاريخ علماً بأنه قد تم حظر دور السينما مطلع ثمانينات القرن الماضي.

وتأسست في السابع من أيار/ مايو 2016 "الهيئة العامة للترفيه" في السعودية، وتُعنى "بكل ما يتعلّق بنشاط الترفيه" و "تقوم على تنظيم وتنمية قطاع الترفيه في المملكة وتوفير الخيارات والفرص الترفيهية لكافة شرائح المجتمع [...] لإثراء الحياة ورسم البهجة". ومن مهام الهيئة "تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية" حسب رؤية السعودية 2030 التي دشنها ولي العهد محمد بن سلمان يوم 25 نيسان/إبريل 2016. وفي ذات الوقت تم إنشاء "الهيئة العامة للثقافة" وفق تلك الأوامر الملكية. ويأتي التطوير على قطاع السينما، اي دور العرض المطلوبة في عموم المملكة وتشجيع قطاع صناعة السينما من جوهر هذه الرؤية الرسمية.
التحوّل الجديد هو استكمال للثورة ولكن الآن ((من الداخل)). فالإعلام السعودي بدأ مسيرة التحوّل في الخارج الذي انطلق من بريطانيا مطلع سبعينيات القرن العشرين وانتقل إلى الإمارات العربية المتحدة (دبي) من خلال محطات حزمة (mbc) للشيخ وليد البراهيم(وليد بن إبراهيم بن عبد العزيز آل إبراهيم) ، ومجموعة (art) للشيخ صالح كامل، ومجموعة (روتانا rotana) للأمير وليد بن طلال بن عبد العزيز بن سعود. ونضيف إلى ذلك أملاك الشركة السعودية للأبحاث والنشر (16 مطبوعة) التي بدأت أعمالها عام 1972 ومن مطبوعاتها صحيفة الشرق الأوسط التي صدرت عام 1978، ويملكها اليوم ملك البلاد سلمان بن عبد العزيز وابنه الأمير أحمد.
صار بإمكان الشباب السعودي قريب الصلة بالتكنولوجيا الحديثة والمعاصرة انتاج أفلام ودراما سعودية راقية. الصديقان (محمد هلال، ومشاري هلال) [الأخوين هلال] استطاعا بأدوات رقمية إنتاج أفلام قصيرة وطويلة، إثارة (آكشنaction) ورعب (horror) وأرسلا لي مجموعة من أفلامهما التجريبية مبكراً للاطلاع والتنسيق لمهرجان سينمائي ما.
انطلاقة السينما الروائية السعودية الطويلة كانت في العام 2006 بظهور الفيلم الأول "كيف الحال" (2006) من إنتاج فضائية روتانا، وهو أول فيلم روائي/ درامي سعودي من إخراج أزيدور مسلم (فلسطيني الأصل) بمساعدة المخرجة السعودية هيفاء المنصور (مخرج مساعد)، والمنتج المنفذ أيمن الحلواني، بطولة هشام الهويس وميس حمدان وهند محمد. وهناك فيلم قصير مدته 15 دقيقة للمخرجة السعودية هيفاء المنصور بعنوان (أنا والآخر) ظهر عام 2001. مما يبين أن السينما السعودية الحقيقة بدأتها امرأة سعودية.
أما أول فيلم رعب سعودي بعنوان "القرية المنسية" (The forgotten village) من انتاج سعودي(2008) عرض على قناة روتانا السعودية أيضا. وهذا الفيلم جاء بعد تجربتين سينمائيتين ناجحتين، الفيلم الكوميدي "كيف الحال" (2006)، وفيلم "ظلال الصمت" (سنة 2006).
وهنا نورد قائمة بالأفلام السعودية المشهورة: أنا والآخر (2001)، كيف الحال (2006)، ظلال الصمت (2006)، السينما 500كم(2006)، ليلة البدر (2007)، القرية المنسية (2008) صباح الليل(2008)، أصيل(2009)، داكن (2010) [جائزة أحسن تصوير في مهرجان أبو ظبي السينمائي كفيلم قصير]، مونوبولي(2011)، حورية وعين (2013)، مناحي (2009)، وجدة (2012)، هجولة (2015)، ماطور (2015)، بلال [فيلم كارتون أو تحريك] (2015)، بركة يقابل بركة (2016) ...

هيفاء المنصور من طليعيات الإخراج السينمائي السعودي (فيلمها القصير "انا والآخر" ظهر عام 2001)، بينما ظهور المرأة كممثلة كان في الفيلم السعودي "داكن" (2010) للمخرج بدر الحمود، وبطولة الممثلة داليا بادغيش.
ختاماً، كان من الصعب الحديث عن "سينما سعودية" مستقلة أو حتى ذات صلة بالدولة في ظل غياب صالات عرض سينمائية أو دور سينما خاصة أو تابعة للحكومة ووزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية. الحديث عن سينما سعودية دون حواضن للسينما (دور العرض) كان غريباً أو وهمياً كأننا نتحدث عن سينما معلقة في الهواء. بالتالي، فإن (صناعة السينما الروائية الطويلة السعودية) وإن ظهرت مبكراً (2006) [فيلم كيف الحال] على يد المخرج الفلسطيني ايزودور مسلم، إلا أنها لم تتمركز كصناعة حقيقية حتى هذه اللحظة (أواخر 2017). ولكن آفاق تطوّر ونمو هذه الصناعة ممكنٌ، وبشكل سريع ومتصاعد، في ظل أجواء من التحرر والانطلاقة والتغيير التي يقودها الأمير محمد سلمان (ولي العهد)، وفي ظل ومناخ من الثورة الإعلامية الجديدة في السعودية التي بدأت في الداخل السعودي الآن.