العلاقات الدولية الترامبية .. ابتزاز على الهوا
عمر عليمات
21-12-2017 10:15 AM
يؤسس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعهد جديد من العلاقات الدولية، يقوم على المقايضات العلنية للمواقف السياسية مقابل المساعدات الأمريكية التي بقيت لفترة طويلة من الزمن القوة الناعمة التي تستغلها واشنطن للتأثير على الدول والمنظمات والكيانات السياسية.
القوة الأمريكية الناعمة لا يختلف عليها أحد، وهذا حقها فلغة المصالح المتبادلة عنصر رئيسي من عناصر العلاقات الدولية، ولكن ما هو جديد وغريب في السياسة الدولية أن تصبح المساعدات قوة خشنة جداً تقوم على أساس ابتزاز المواقف وليس التأثير فيها.
التهديد الذي بعثه ترامب لدول العالم قبل التصويت على القرار الخاص بالقدس لم يكن أحد يتخيله، رغم أن مثل هذا الأمر يحدث في الغرف المغلقة، إلا أن الجديد هو هذا الاستهزاء غير المقبول بشعوب العالم، بحيث تهدد دولهم ويتم ابتزاز مواقفها علناً بلا خجل، فترامب لم يكتفي برسائل مندوبته في الأمم المتحدة بل أكد ذلك في مؤتمر صحفي وعلى رؤوس الأشهاد يهدد من يصوت ضده بقطع المساعدات، فمن لا يسير بركب مواقفه العنترية لا يستحق دولاراً واحداً، لينقل الولايات المتحدة من دولة عظمى لها مسؤولياتها تجاه السلم العالمي ومساعدة الدول النامية، الى دولة انتهازية تستغل قوتها لفرض سياستها على العالم بأسلوب لا يرقى حتى لمستوى القرصنة بل ينحدر نحو البلطجة الدولية التي لم يشهد لها العالم مثيلاً قبل عصر ترامب.
ما يقوم به ترامب هو إهدار لكرامة العالم، فكيف لأي دولة اليوم حتى لو كانت مقتنعة تماماً بموقفها المؤيد لترامب، أن تدافع عن تصويتها في الأمم المتحدة دون أن تتهم بخضوعها لتهديد ترامب وسلبها لقرارها السياسي وتنازلها عن سيادتها.
علينا إعادة قراءاتنا لعلم السياسة فما قبل ترامب ليس كما بعده، فهذا الرجل يفاجئنا كل يوم بنمط جديد من أنماط العلاقات الدولية، ليقلب المفاهيم ويغير ما تعارف عليه العالم لقرون بجرة قلم أو تغريدة على تويتر.
من حق الرئيس الأمريكي أن يفرض سياسته على العالم، ولكن ليس بهذا الأسلوب الفج والرخيص، وكأن العالم مزرعة يتصرف فيها كما يشاء، وسيكون هو أول الخاسرين من هذه السياسية وسيكون الشعب الأمريكي أول المعارضين له، فهو لا يهدم فقط أنماط السياسة الدولية بل يهدم القيم الأمريكية الواحدة تلو الأخرى وببساطة هو يلغي الحلم الأمريكي ويحوله إلى كابوس لا يحتمله أحد.
سيدي الرئيس ترامب اسمح لي أن أقول لك أنك تدمر كل شيء جميل عرفناه عن الولايات المتحدة الأمريكية، وتجعلنا نفكر ألف مرة قبل أن نتفوه بأي كلمة عن ديمقراطية بلادكم، فبكل بساطة أنت لا تؤمن بقيم أمريكا فكيف تريد لنا أن نروج لما لا تؤمن انت به.
سيدي الرئيس انت أصبحت إنسانا لا تطاق، تتعامل مع العالم كما كنت تتعامل مع مسابقاتك لملكات الجمال، ببساطة أنت إنسان أهوج.