ماذا يريدون من الأردن وماذا نريد نحن للأردن
اللواء المتقاعد مروان العمد
21-12-2017 10:14 AM
الأردن والذي يشكل موقعه نقطه ارتكاز المشرق العربي مما جعله نقطه وصل ما بين الدول العربية الآسيوية واعتباره نقطه انطلاق للمغرب العربي لقربه من مصر، ولقربه من قوى اقليمية ذات تأثير مثل تركيا وإيران، ولكون الكيان الصهيوني يمتد على طول حدوده الغربية فقد قدر له ان يكون محور الأحداث في المنطقة وفي نفس الوقت محط أنظار الجميع ومحاولتهم ان يكون لهم دورهم في اموره. ويمتد هذا الاهتمام الى القوى العالمية جميعها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والدول الأوروبية. كما ان القيادة الهاشمية لهذا البلد التي استطاعت ان تمخر بسفينته وسط هذه الامواج المتلاطمة حولنا باقتدار وان تحظى بحب الشعب والتفافه حولها مما أنقذه من الوقوع فيما وقعت به دول أخرى حولنا جعله محل إعجاب وتقدير الآخرين وبنفس الوقت محل غيرة وحسد وربما حقد من آخرين. كما ان الأحداث التي بقيت ملتهبة في منطقتنا ولموقعه كنقطة وصل جعل من الآخرين يسعون لأن يكون الموقف الأردني الى جوارهم يناصر مواقفهم ويعادي عدوهم بالرغم من ان السياسة الأردنية كانت دائما ما تسعى لأن تبقي ابوابها وأجوائها مفتوحة مع الجميع.
وفِي سبيل ذلك اتخذ الأردن خطوات ما كان له ان يخطوها لو ان الامر عائد له لإدراكه احتمالاتها ونتائجها ومثال ذلك اشتراكه في حرب عام ١٩٦٧ وما تبعه من فقدان الضفة الغربية وما عاناه من موجه النزوح اليه وإحساسه بالمسؤولية القومية والوطنية تجاه القضية الفلسطينية . ومثال ذلك مشاركته في حرب عام ١٩٧٣ من خلال إرسال خيرة الخيرة من جنوده للمشاركة بالقتال وحماية الطريق الى دمشق. ثم جاءت ازمه الاجتياح العراقي للكويت وما تبع ذلك من انقسام وتحشيد والدعوة للحل العسكري حيث تبنى الأردن على عهد المغفور له الحسين بن طلال الحل الاخوي والسلمي والعربي وما دفعه من أثمان نتيجة موقفه هذا. وبالرغم من ان هذه الأحداث كانت تقع بتصرفات وقرارات الآخرين ولكن هزائمها كانت دائما تُحمل على عاتق الأردن. وكما كان الأردن ملاذ الشعوب العربية التي هربت من حروبها ونزاعاتها اليه من العراق ومن ليبيا ومن اليمن ومن سوريه وغيرهم حيث اقتسم معهم فنجان الماء ولقمه الزاد وفرصه العمل ولكنه لم يلقى الا النكران والجحود واتهامه بالتآمر والوقوف مع الاٍرهاب بالرغم من انه كان دائما ضحية الاٍرهاب الذي ترعرع بين حناياهم. ووسط تخلي العالم عن مد يد العون له لإعانته على هذا الحمل وبنفس الوقت اتهامه بالتقصير لأنه في مرحله ما وجد ان لم يعد يتحمل المزيد .
وفِي هذه الأيام والتي تغلي فيها المنطقة على صفيح ساخن والتي تقع الأردن بالقرب من اتونها نجد جميع المحيطين بنا اما قد تخلوا عنا وتركونا وظهرنا مكشوفاً في العراء ، او انهم يريدون مصادرة قرارنا لصالح مواقفهم وتحالفاتهم وان نشاركهم في معاركهم وفلسطين لنا اقرب والقدس الى قلبنا أحب والأمانة التي تحملها الهاشميون والأردن في حمايه المقدسات في أقدس ارض اهم .
في هذا الظرف الصعب نجد أنفسنا نقف في الميدان وحيدين بلا حليف ولا صديق ولا معين وفِي نفس الوقت على كاهلنا مهمه ومسؤوليه لا نستطيع خيانتها حين فعل الآخرون ذلك وتحت تهديد أميركي بقطع المساعدات اذا صوتنا لصالح قدسنا .
وفِي هذا الظرف نتساءل ماذا نريد للأردن ان يكون وكيف سيكون ؟ . وفِي وسط ذلك كثرت الوصفات والعلاجات وأصبح الجميع يشخص المرض وطرق العلاج. البعض يريد ان نلغي المعاهدة وان نقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني وهو أغلى امنيات هذا الكيان غير محتسبين كلف ذلك علينا وعلى القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وما هو موقف العالم لو فعلنا ذلك. ودون احتساب بأنهم بذلك يعيدوننا الى حاله الحرب مع العدو الصهيوني في حين ان الآخرين أصبحوا ينامون في مخدعه او هم يجعلونه ينام في مخدعهم وهم في حضنه. ودون احتساب ان ما نعيش فيه الآن هو لمجرد موقفنا من سفيرتهم وسفارتهم وحارسهم الذي قتل ابنائنا ولموقفنا من ببوابات القدس الالكترونية وإرغامه على اقتلاعها. البعض يريد منا ان نقطع علاقاتنا الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية وفرض عقوبات عليها بقطع التعامل معها ومقاطعه منتجاتها وفرض الحصار عليها غير عابئين بأنها أصبحت هي الدولة الوحيدة التي تقدم المساعدات لنا على ضآلتها وشروطها ، ومعتقدين اننا أصبحنا قوه عظمى قادره على شن حرب منفرده على الولايات المتحدة الأميركية بالرغم من ان الآخرون يجرون وراءها ليقبلوا آثار خطواتها على اجساد دولنا العربية مع دفع فاتورة قتلها وقتالها لنا . والبعض يقول لنغير التحالفات ولنقطع الخطوط مع حلفاء الامس .
البعض يقول لنلتحق بالتحالف الروسي الإيراني التركي القطري رغم علمهم ان هذا التحالف تحالف مصالح وانه تحالفاً مؤقتاً لحين اقتسامنا وتوزيع اوطاننا عليهم . روسيا التي تتعامل مع من في محورها من فوق ابراج عاجيه ولتضمن سيطرتها على المنطقة وبترولها وغازها وبعد ان تستكمل انتزاعها من عدوتها اللدودة . وتركيا أردوغان الذي لا يسعى الا الى أعاده امجاد اجداده العثمانيين والذي هدد بإغلاق سفاره الصهاينة في بلاده اذا فعل ترامب فعلته باعتبار القدس خط احمر ولكنه لم يفعل ذلك ويبدوا انها حمرا فقط في مخدعه . وبالرغم من اعترافه بها عاصمه لدوله الصهاينة قبل ترامب بسنه وفِي عام ٢٠١٦ باتفاق القدس أنقره لتطبيع للعلاقات بينهما . وايران الملالي الذين لن يكفيهم غير ان نكون خطاً او ضلعاً او قوساً في مثلثهم او هلالهم او قمرهم المذهبي وخاصه بعد ان أطلقتها أميركا لتنهب في جسد دولنا وعواصمنا . وبعد ذلك قطر وما ادراك ما قطر . هل المطلوب ان نغير التحالفات السابقة لنلقي أنفسنا في جحيم غير الجحيم الذي كنّا فيه ونكون كمن يهرب من سيف الجلاد الى حبل المشنقة وكمن يهرب من السيل الجارف ليقع تحت شلال هادر . او كمن يهرب من أمس اضحى مظلماً الى غدٍ احلك ظلاماً .
أيها الاردنيون رفقاً بالأردن ولا تغامروا به كي لا يشمت به جميع من عاداه . رفقاً بالأردن و لا تطلبوا منه ما هو فوق طاقته وقدرته ، اذ ان الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً الا وسعها . رفقاً به ولا تمارسوا بما تقولون ضغوطات على قيادتنا الحكيمة قد تجعلها تأخذ القرار غير السليم . أتركوها كما عهدتموها تقود الدفة وسط الامواج المتلاطمة باقتدار لعلها تخرج وتخرجنا بأقل الخسائر والأضرار.