دَمُ الشَّريفينِ وَشْمٌ في أياديها
لا يَمحّي، وَهْوَ كُحْلٌ في مآقيها
ولا تزالُ على عَهْدِ الوفاءِ لهُ
تَصونُ أنفاسَهُ الحَرّى، وتُذْكيها
ولا يزالُ على عَهْدِ الوفاءِ لها
يَسْقي ثَراها، ويُسْتَسْقى، فَيَسْقيها!
والقُدسُ، لو تطلبُ الدنيا.. سَيُحْضِرُها
لها الحسينُ، بما فيها، ومَنْ فيها
حتّى يُقَدّمَها مَهْراً، يَليقُ بها
لكنَّ أَكرمَ مَهْرٍ: أَنْ يلاقيها
والهاشميّونَ أَهلوها، ولا أَحَدٌ
أوْلى بدقّاتِها مِنْ صَدْرِ أَهليها
وَهُمْ على خَدّها وَرْدٌ، يُقيمُ على
وَرْدٍ، وكُلُّ أمانيهم أمانيها
وَهُمْ يداها، وَعَيْناها، وخافِقُها
ونَشْوةُ القُبْلةٍ الأُولى، على فيها
يَسْري بِهِمْ وَجْدُهُمْ، في الليلِ، مِنْ كَبِدٍ
حَرّى، إلى كَبِدٍ حَرّى، تُناجيها
وَيعْرُجُ الشَّوْق، من شمسٍ، إلى قَمَرٍ
على جناح دُموعٍ، عَزَّ مُجريها
وباركَ اللهُ في عُشّاقِها، ورَعى
أشواقَ كُلِّ مُريدٍ، من مُريديها
والهاشميّون أَدْرى بالقِبابِ، فهم
قِبابُ كُلِّ قبابٍ في روابيها
وهُمْ رِحابُ الرّحابِ المُسْتجارِ بها
من كُلّ ضيقٍ، ولا جارٌ يُجاريها
وليس أَعْرَفَ بالأشواقِ من مُهَج
مُشْتاقةٍ، ولهيبُ الوَجْدِ يكويها!
يا نخلةَ القُدسِ، يا رمْزَ الشُّموخِ لها
هذا اليقينُ الذي في القَلْبِ، يُحْييها
ويجعلُ القُدْسَ أقوى، في تَحَملُّهِا
ويجعلُ القُدسَ أَقْوى، في تحديّها
هذا اليقينُ، يَقيها ثَلْجَ غُرْبتها
فقد تَرَاكَمَ، حتّى كادَ يُنْهيها!
لولاكَ، لاسْتَسْلَمتْ للريحِ رايتُها
وأَسْلَمَتْ لجنونِ المَوْجِ شاطيها!
فقد تَخَلَّتْ «...» عن دَمِها
جميعُها.. وتَمادَتْ في تَخَلّيها!!
ولم يَعُدْ أَحَدٌ منها يُصَبّحُها
بالخيرِ، لا أَحَدٌ منها «يُمَسّيها»!
لقد تَقَطَّعَ قلبُ القُدْسِ، واخْتَنَقَتْ
روحُ الصَّفاءِ التي كانَتْ تُزكّيها!
وغابَ عنها الشَّذا، والقُدسُ جَنَّتُهُ
وكُلُّ أَنْدائِها جَفَّتْ مآقيها
وغادَرَ التّينُ، والزَّيتونُ «طُورَهما»
وهاجَرَ «الطُورُ» منها، وهو يَبْكيها
ولم يَعُدْ في الرُّبا زيتٌ، فَتوقدَهُ
ناراً، وتُوقَدهُ نُوراً يُضَوّيها!
وأنتَ وحدَكَ من يأسى، لما فَعَلَتْ
بها الليالي التي طالَتْ لياليها
ويَشْهَدُ اللهُ أنَّ القُدسَ، ما حَمَلَتْ
يَوْماً، سوى الحُبِّ، رُوحاً في حواشيها
كانت مساجِدُها نجوى كنائِسِها
والمؤمنون سواءٌ بينَ أَيديها
إذا اشتكىَ «مَذْبَحٌ».. هَبَّتْ لنجدتِهِ
كُلُّ «المحاريبِ»، في شتّى نواحيها
ولم تجيءْ من تُرابِ الأَرضِ تُرْبتُها
ولا الحجارةُ.. جاءَتْ من رواسيها
لكنّها، من عُروقِ المجدِ، قد غُزِلَتْ
وباركتْها حنايا «هاشميّيها»..
ولو أردناهُ مالاً، أَغْدَقَتْهُ على
رؤوسِنا الأرضُ: عاليها، وواطيها!
لكنّها لم تكن للبيعِ كِلْمتُنا
ولن تكونَ .. فللتاريخِ نَرويها..
وسوفَ نُظْهِرُ ما نُخفي، ونَنْشُرُ ما
نَطْوي، وكُلُّ حكايانا سَنَحكيها!
إنْ أعْجَبَتْ، فَبِها.. أو أَغْضَبَتْ فَبِها
فليسَ يُنْهي حياةً، غيرُ مُعطيها!!.
الرأي