يوميات اردنية: عصفورٌ على الشجرة
د.سيما كلالدة
19-12-2017 09:50 PM
نهض باكرا، اغتسل بالماء البارد ونظّف ريشه الاصفر الجميل بمنقاره وحلَّق ليبحث عن حبيبات ليأكلها. حلَّق عالياً في سماء زرقاء تزينها غيوم بيضاء كمخداتٍ من ريش تتخللها خيوط الشمس الذهبية.
بدأ يزقزق العصفور ويقفز من بيت الى بيت حتى حطَّ على غصن شجرة صنوبر كبيرة، شامخة وسط قحط من الاشجار والنبات. كانت تقف الشجرة بكبريائها فاردة اغصانها ،رافعة رأسها، مطلة على من تحتها .وقف على غصنها العصفور فشعر بدفئها وحمايتها.
تنفس الهواء النظيف وبدأ يغني.
واذا بمجموعة من الغربان واقفة على سلك من الكهرباء تتمتم وتصدر اقبح الاصوات تقهقه وتتلفت يمينا وشمالاً. سمينة ٌتجد صعوبة في التوازن على السلك، فتارة تمسك بمخلبها، وتارةً بمنقارها، وتارةً تفرد جناحيها ، فان نظرت لها من بعيد تبدو وكأنها بهلوان عبيط.
وكان هو هذا الروتين اليومي للعصفور ، الا ان قرر ان ينظر الى الاسفل.
ما رآه لا يسر ناظراً ولا يريح بالاً.
اكوام من القمامة، بيوتٌ قبيحة، فقر، ظلم، طبقية، ضوضاء....
ولكنه استمر في الجلوس على الشجرة كلَّ يوم لعل وعسى يرى اي تغيير او تحديث.
بقي الحال على ما هو عليه
يوم بعد يوم استمر العصفور في القدوم
ولكن بدأ يفقد صوته،
وبهٌت لونه
وخفّ ريشه،
فقد شهيته وبات ينسى الاستحمام او الاكل.
كانت تنظر له الغربان السمينة تقهقه وتقول: المسكين بات هزيلا لا يحلق عالياً بل اصبح يطير قريباً من البيوت.
ولاحظ العصفور ان الغربان تنزل الى الاسفل كل يوم تأكل من الاوساخ وترجع تجلس على سلك الكهرباء ولا تحلق عالياً ولا تذهب بعيداً.
هزُل العصفور ولم يعد يقوى لا على الاكل او الطيران، حتى جاء يومٍ لم يأتي فيه العصفور ليقف على غصن الشجرة.
وفي أحد الايام رأى الغربان بلبلاً جميلا يزقزق ويحلق عالياً، ينفش ريشه و يتنفس الهواء.
لم يجد مكانً ليجلس عليه .
بات يحوم ويحوم وعندما تعب حلَّق وذهب بعيداً.
وتسألون لما لم يجلس على الشجرة؟
لم يكن يعرف العصفور انه كان السبب في قطع الشجرة، فلو لم يجلس على غصنها لما التفت اليها احد.
ذهب العصفور
وذهب البلبل
وذهبت الشجرة .
ولم يبق الا.......
نعيق الغربان.